قبل ما يقارب 48 ساعة، من موعد الجلسة الثانية لإنتخاب رئيس الجمهورية، يبدو أن الأمور لا تزال على حالها منذ الجلسة الأولى، حيث التأكيدات أن هذه الجلسة لن تشهد إنتخاباً لرئيس الجمهورية المقبل، لكن مع فارق بسيط يتعلق بأن عدد الأوراق البيضاء قد يتراجع، في ظل توجه تكتل “لبنان القوي” لمقاطعة الجلسة بسبب توقيتها، وهو ما كان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قد ألمح إليه.
على هذا الصعيد، تتمسك القوى التي صوتت لصالح رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوض به، أي حزب “القوات” وحزب “الكتائب” و”الحزب التقدمي الإشتراكي”، لكن في المقابل لم تنجح في إقناع أي من الكتل النيابية الأخرى بهذا الخيار، وبالتالي فشلت بالتسويق له على أساس أنه المرشح المناسب لهذه المرحلة، أو القادر على جمع العدد الكافي من الأصوات، لكن السؤال الأساسي يبقى حول توجهات قوى الثامن من آذار، نظراً إلى أنها لا تستطيع الإستمرار طويلاً في خيار الورقة البيضاء.
في هذا السياق، تؤكد مصادر نيابية من هذه القوى، عبر “النشرة”، أن ليس هناك ما هو محسوم حتى الساعة، حيث تشير إلى أن القرار من المفترض أن يتخذ قبل وقت قصير من موعد الجلسة، لكنها تجزم بأن كل السيناريوهات المفتوحة، بين الإستمرار بخيار التصويت بالورقة البيضاء، أو الذهاب إلى إسم يتم التوافق عليه بين غالبية الكتل، من دون أن يعني ذلك أن هذا الإسم سيكون هو المرشح الفعلي.
بالنسبة إلى هذه المصادر، خيار التصويت بالورقة البيضاء، في الجلسة الماضية، نجح في منع ظهور هذا الفريق بصورة المنقسم على نفسه، لكن من الناحية العملية لا يمكن الإستمرار به مطولاً، نظراً إلى أنه سيحمله المسؤولية الكاملة عن الشغور الرئاسي، في حال الوصول إليه، سواء كان ذلك أمام الرأي العام المحلي أو أمام المجتمع الدولي، على قاعدة أنه يمارس المشاركة السلبية في هذا الإستحقاق.
على الرغم من ذلك، تشدد المصادر نفسها على أن التفاهم على ما يمكن وصفه بـ”مرشح المناورة” أو “مرشح تقطيع الوقت” ليس بالأمر السهل، على إعتبار أن هذا الأمر قد يمثل إهانة لمن من الممكن أن يوافق على التضحية بنفسه، بينما البدء بمعركة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية منذ الآن ليس بالأمر المستحب، نظراً إلى أن ذلك قد يقود إلى إضعاف حظوظه الرئاسية، وبالتالي تقديم خدمة إلى الفريق الآخر الذي رشح معوض من أجل “إحراق” ورقة فرنجية.
على صعيد متصل، تشير المصادر النيابية في قوى الثامن من آذار إلى أن رئيس تيار “المردة” يواجه صعوبة كبيرة في تسويق نفسه، سواء كان ذلك مع “التيار الوطني الحر” أو مع باقي القوى السياسية من الفريق الآخر التي من الممكن أن تصوت له، بالرغم من تأكيدها وجود مؤشرات على بدء عملية تقريب وجهات النظر بين فرنجية وباسيل، لكنها تجزم بأن المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق، على إعتبار أن الخلافات في الرؤية كبيرة جداً.
من وجهة نظر هذه المصادر، ما يمكن التأكيد عليه في الوقت الراهن هو أنه في الظروف الحالية لا فرص حقيقية لوصول رئيس تيار “المردة” إلى القصر الجمهوري، لكن ذلك لا يلغي إمكانية تبدل المعطيات القائمة، ربطاً بالتطورات التي من الممكن أن تشهدها البلاد في الأسابيع المقبلة، لا سيما على مستوى ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وإلا سيكون الجميع مضطراً إلى الذهاب خيارات أخرى.
في المحصلة، تؤكد المصادر نفسها أنه حتى الساعة لا يمكن الحديث ضمن هذا الفريق عن خطة بديلة، نظراً إلى أنه ليس هناك ما يلزمه بالذهاب إلى تقديم أي تنازل عملي، بالرغم من أن المؤشرات الحالية تفتح الباب للحديث عن أن التسوية، الأسهل والأقرب، تكمن بتخلي الفريقين عن طرح مرشح ينتمي إليهما، والإنتقال نحو بحث إمكانية التوافق على مرشح ثالث، لكنها تشير إلى أن هذا الأمر قد لا يكون ممكناً ضمن المهلة الدستورية، كما أنه يتطلب تدخلاً خارجياً على ما يبدو.