التخطي إلى المحتوى

أكّد النائب جبران باسيل في حديث الى “الاخبار” أن التيار الوطني الحر يوافق على أن يجيّر تمثيله إلى مرشح لرئاسة الجمهورية يتم التوافق عليه، «لأن البلد لا يتحمّل فراغاً ولو تطلّب ذلك تنازلاً منّا عن حقنا كتيار، كوننا الكتلة الأكبر، وعن حق ميثاقي، ولأننا غير قادرين في هذا الظرف على الإتيان بالممثل الأقوى للمسيحيين». وأكد «أننا لن نقبل بأي شكل من الأشكال بأن تتسلّم حكومة ميقاتي المنقوصة الصلاحية صلاحيات الرئاسة… وهناك خيارات كثيرة، بينها ما لا نريده كبقاء الرئيس بعد انتهاء ولايته، وبينها أيضاً سحب التكليف المعطى للرئيس المكلف أو تشكيل حكومة أخرى». وفي ما يتعلق بمفاوضات الترسيم، «نصح» باسيل الإسرائيليين بتسريع الاتفاق لأن «الفرصة قد لا تتكرر»، ولأن «معادلة القوة ليست لمصلحته، وكل تأخير سيخسّره أكثر». وشدد على أنه «انتهت المرحلة التي كان فيها لبنان متفرجاً على كل الدول تستخرج نفطاً وتزدهر، فيما هو ممنوع من ذلك بقرار دولي، وهذا هو الإنجاز الأهم، بعدما أرسى لبنان معادلة جديدة في البحر بفضل قوته». وأكد: «لا نملك خياراً آخر. معادلة القوة هذه يجب تكريسها. لن يخرجنا من الكارثة التي نحن فيها إلا موقف قوة بعدما جرّبنا مواقف الضعف. ومجرد امتناع إسرائيل عن الاستخراج هو اعتراف بهذه المعادلة. أما إذا استخرجت، فنحن ذاهبون إلى مشكلة كبيرة».

سئل : بعد نتائج الانتخابات النيابية، هل من مصلحتكم تشكيل حكومة، وخصوصاً أنكم في الحكومة الحالية تحتكرون التمثيل المسيحي؟
أولاً، بالتأكيد نريد حكومة بغضّ النظر عما إذا كنا مشاركين فيها أو لا لأننا خائفون على البلد. فالموضوع الاقتصادي والمالي ملحّ. في لبنان، نتعاطى مع الاستحقاقات وعدم إجرائها كأنها أمر عادي، فيما الوضع غير عادي. ثانياً، لسنا ممثّلين في الحكومة الحالية. رغم أن هناك وزراء قد يكونون قريبين منا. لكنهم ليسوا حزبيين ولا سلطة لنا على أي منهم. ثالثاً، ليس لدينا توجّه للمشاركة في الحكومة المقبلة، وغيرنا يقول إنه لن يشارك. لذلك لا خشية لدينا على هذا الصعيد لأن الحصة المسيحية سيأخذها رئيس الجمهورية. وعلى افتراض أننا سنتمثّل في الحكومة، نحن التكتل الأكبر في البرلمان، وأي حكومة ستأخذ بالتوازنات التي أسفرت عنها الانتخابات ستكون لمصلحتنا وليس لمصلحة نجيب ميقاتي الذي لم يتمكن من إيصال أي نائب الى البرلمان.

لكن على أيّ حال، لا نعمل على هذا الأساس، ولذلك حتى اليوم لم نفاوض أحداً في الموضوع الحكومي. كل ما يتردد عن ذلك وعن وزارات وحصص وأسماء هو خرافة. لم نتحدث بالأمر لا مع رئيس الحكومة ولا مع حزب الله ولا مع غيرهما. جلّ ما في الأمر أن الرئيس ميقاتي يتحدث عن فتوى دستورية تتيح لحكومة تصريف الأعمال تسلّم صلاحيات رئيس الجمهورية. ولذلك، تصرّف بطريقة يعرف أنها لا تقود الى تأليف حكومة. زار الرئيس وقدم له تشكيلة وطلب تغيير 3 وزراء من حصة رئيس الجمهورية، وهو يعرف سلفاً أن الرئيس سيرفض. نعرف بعضنا جيداً. من يريد تأليف حكومة لا يتصرف على هذه الشاكلة.
إذا كان الرئيس ميقاتي يريد استمرار الحكومة الحالية، لماذا عاد الآن إلى التحرك بعدما انتظر طويلاً منذ تقديمه التشكيلة الأولى في 29 حزيران؟
أعتقد لأنه هو ومن يدعمه فهموا أن حكومته الحالية لن تحكم، ولن نقبل بذلك، و«رح نعمل مشكل كبير بالبلد».

ماذا تعني بـ«مشكل كبير»؟
لن نقبل بأيّ شكل من الأشكال أن تأخذ حكومة تصريف أعمال، ليس لديها أساساً صلاحية أن تجتمع أو تتخذ قرارات وغير مكتملة الصلاحيات، مكان رئيس جمهورية مكتمل الصلاحيات.

ما الفارق بين حكومة تصريف الأعمال الحالية وحكومة جديدة ستتحول إلى تصريف الأعمال حال وصولنا إلى الفراغ الرئاسي؟
الدستور واضح بأنه عندما يخلو موقع رئيس الجمهورية تحلّ الحكومة محلّه. لكن الحكومة الحالية، عملياً، مستقيلة وهناك رئيس حكومة مكلّف. في 2014، عندما حدث فراغ رئاسي، كانت هناك حكومة قائمة حلّت محله. بالطبع ليس هذا مستحبّاً أو مرغوباً، لكنه منصوص عليه في الدستور. أما أن تأتي حكومة مستقيلة وغير مكتملة الصلاحيات فسنرفضها. الأهم في كل ذلك: لماذا هناك من يفتعل هذا المشكل الدستوري في بلد منهار؟ أليس الأسهل تشكيل حكومة؟ هل سمعنا أحداً يقول إننا في حال تشكيل حكومة والوصول إلى فراغ رئاسي لن نقبل بتسلمها صلاحيات الرئيس؟

ما هو دورك في تعطيل التشكيل؟
من يقول إنني أعطّل فليقل ماذا عطّلت، وما هي مطالبي ومع من تحدّثت بها. عندما يكون عندي مطلب لا أخجل به وأعلنه. لديّ رأيي في الحكومة، لكنني لا أتحدث عنه. مثلاً، في رأيي أنه بعد الانتخابات يجب أن تتشكل حكومة سياسية. كيف يمكن أن نعود إلى حكومة تكنوقراط، وخصوصاً إذا كنا نتحدث عن حكومة ستحلّ محل رئيس الجمهورية؟ هذا رأينا، لكن هذه ليست المشكلة. الأكيد أن أي حكومة أفضل من لا حكومة، ولو حتى كانت الحكومة الحالية نفسها بعد نيلها ثقة مجلس النواب.

ما الحلّ لتفادي هذا المشكل الدستوري؟ أليس الأجدى أن نذهب إلى البحث في انتخاب رئيس جمهورية؟
أولاً، يجب أن تتألف حكومة بغض النظر عن أي أمر آخر. ويجب أن يدرك نجيب ميقاتي أنه لن يستطيع، ولن يُسمح له، بأن يحكم البلد بحكومة غير مكتملة الصلاحيات أياً يكن من يدعمه.
نسب إليكم أنكم في وارد اتخاذ خيارات قد يكون فيها التباس كبقاء الرئيس في القصر بعد انتهاء ولايته أو تشكيل حكومة انتقالية.
عندما نقول إننا لن نقبل ولن نسمح، فهذا يعني أن هناك خيارات أخرى. برأينا، من يعمل على أن تتسلّم حكومة في وضع غير دستوري صلاحيات رئيس جمهورية هو من يعمل، عامداً، على توجيه طعنة جديدة إلى اتفاق الطائف ويخلق سوابق غير دستورية تفتح الباب على فوضى دستورية. هل هذا لمصلحة الإبقاء على الدستور؟ من يريد استقراراً دستورياً لا يقدم على هذه الألاعيب، وإلّا فليتحمل نتائجها. هناك اليوم فوضى دستورية ستنشأ عنها خيارات يتحمل مسؤوليتها كل من أوصل نجيب ميقاتي. بالطبع، رئيس الجمهورية لا يريد البقاء في القصر ولا نحن نريده أن يبقى، وليس هذا من مصلحتنا. ليس هذا ما نفكر فيه مع أن هناك من يطرحه. هذا خيار أول ولسنا معه، ورأينا أن الرئيس يجب أن يغادر القصر مع انتهاء ولايته رغم أن هناك جواً متزايداً بأن الرئيس يجب أن يبقى في حال بقاء هذه الحكومة. الخيار الثاني هو سحب التكليف من رئيس الحكومة. والخيار الثالث هو أن يتم التفكير بتأليف حكومة أخرى.
هل هذا دستوري؟
لا شيء يمنع. هل من الطبيعي أن يكون بلد غارق في هذا الكمّ من الأزمات منتظراً رئيس حكومة لا شيء يلزمه بتشكيل حكومة؟ لنفترض أن النواب الذين أيّدوه توقفوا عن ذلك. يجب أن يكون هناك أمر آخر بموازاة الصيغ. لا يكمن أن نبقى مكتوفي الأيدي في ظل هذه الفوضى العارمة.

ما موقف حزب الله من هذه الطروحات؟
على حزب الله والثنائي الشيعي تحمّل مسؤولية كبيرة. الثنائي هو وراء نجيب ميقاتي. لولا الثنائي لما كان ميقاتي موجوداً. السؤال يجب أن يوجّه الى الثنائي: هل تريدون إيصال البلد الى هنا؟ وأن يبقى ميقاتي ممتنعاً عن التشكيل ويكتفي بالاستنجاد بدار الفتوى. يتم تحميل الموضوع منحى طائفياً وهو ليس كذلك.
من يتكلم عن صلاحيات رئيس الحكومة؟ شكّلوا حكومة تنال الثقة ولتأخذ صلاحيات الرئيس. رئيس الحكومة يقول للجميع إنه لا يريد حكومة. حرف الموضوع عن حقيقته نحو شدّ العصب الطائفي سيزيد المشكلة تفاقماً، ونتيجته ستكون طعناً للدستور. منذ تسمية الثنائي لميقاتي أبلغناهم أنه لن يؤلف حكومة، لكنهم تمسكوا به. لذلك أدعوهم إلى تحمل المسؤولية في هذا الموضوع لأنهم اليوم يتفرجون على شخص انتخبوه يتفرج بدوره على الأزمات ولا يعمل على تشكيل حكومة. أساساً، ماذا حققت هذه الحكومة؟ وضع رئيسها خطة تعافٍ ثم تراجع عنها. الموازنة حتى الساعة، لم ترسل المالية أرقامها. قانون إعادة هيكلة المصارف لم يصدر. التشكيلات الدبلوماسية رفض إقرارها. ماذا فعل في ملفّي المرفأ والنازحين؟ ماذا فعل غير أنه مرّر الوقت من دون أي نتيجة غير حماية رياض سلامة والمنظومة؟ فليسمّوا لنا إنجازاً حقّقه.
لماذا كل النقاش في البلد هو حول الحكومة وكأن هناك تسليماً من الجميع بأننا قادمون على فراغ رئاسي حتمي وبأن المشكلة تدور حول حصة كل طرف في إدارة الفراغ؟
الفراغ مطروح ومحتمل، لكنه ليس سهلاً ولا يجب أن يحصل. ليس سهلاً لأنه نظراً إلى الوضع الحالي سيكون كارثياً. نحن أكثر طرف يمكن أن يُتوقّع منه القول إن الأولوية في موضوع رئاسة الجمهورية هو للشرعية التمثيلية، وهذا أمر ميثاقي بالنسبة إلينا وخضنا في سبيله معارك وذهبنا من أجله إلى فراغ رئاسي لمدة سنتين ونصف سنة. لكننا مستعدون لأن نتوافق على رئيس حتى لا يكون هناك فراغ. البلد لا يتحمّل فراغاً ولو تطلّب ذلك تنازلاً منّا عن حقنا، كتيار وطني حر، كوننا الكتلة الأكبر، وعن حق ميثاقي، ولأننا غير قادرين في هذا الظرف على الإتيان بالممثل الأقوى للمسيحيين، نوافق على أن نجيّر تمثيلنا لدعم مرشح نتوافق عليه. ماذا يمكن أن نفعل أكثر من ذلك؟
حزب الله لن يرضى بأي مرشح رئاسي لا يرضى عليه جبران باسيل؟
الحزب يحترم إرادة المكوّن المسيحي. وبغض النظر عن الاختلافات معه، لا يمكن إلا أن نقرّ بأنه منذ تفاهم 2006، احترم هذه المسألة في كل المفاصل. وإحدى ثمار التفاهم أنه حقق هذا الإنجاز في التوازنات الداخلية، ما حفظ الوحدة والسلم الأهلي. لذلك الحزب منسجم مع نفسه عندما يحترم رأي الكتلة المسيحية الأكبر في خيارها. ونحن، من جهتنا، لم نحرج الحزب وغيره بأننا الكتلة الأكبر. قلنا إن وضع البلد غير طبيعي فلنرَ ما هو الممكن.هل بدأ النقاش مع الحزب في موضوع رئاسة الجمهورية، وهل تطرقتم إلى الأسماء والمواصفات؟
بدأنا النقاش في الموضوع، لكن لم تُطرح أسماء. بالنسبة إلينا، أهم المواصفات هي التمثيل. في الطبقة الأولى، هناك أشخاص لديهم صفتهم التمثيلية التي لا يمكن نزعها عنهم. في الطبقة الثانية، هناك إمكانية لتجيير التمثيل لدعم شخص ما، وبالطبع هو تجيير قابل للإلغاء وليس دائماً. الطبقة الثالثة التي نرفضها هي أن يأتي أحد ما لا يمتلك تمثيلاً بشخصه ولا يحمل تمثيلاً مجيّراً له من أصحاب التمثيل. الطبقة الأولى هي الوضع المثالي. الطبقة الثانية غير مستحبة، ولكن نقبل بها لأن الوضع حرج وخشية الفراغ. الطبقة الثالثة مرفوضة تماماً، ولن نقبل أن يُفرض علينا أحد.
لسنا هنا نتنازل عن شرعية التمثيل، لكننا نرى المشكل في البلد. بالطبع، لا يمكن للآخرين أن يتخطّوا من ندعم، ولكننا لسنا وحدنا من يقرر. المسألة تحتاج الى تفاهمات ويجب أن نتقاطع نحن وعدة أطراف على دعم مرشح ما وتأمين الأصوات اللازمة له لأن أي طرف وحده غير قادر على إيصال رئيس للجمهورية. أما التفكير بإيصال مرشح تحدٍّ أو رغماً عن الآخرين، أي ما يفكر به سمير جعجع ويحاول التسويق له، فلن يحصل أبداً.هل تجيّر اصواتك لسليمان فرنجية؟
لا أرى ما يدفعنا اليوم إلى أن نواجه التيار واللبنانيين وإقناعهم بأسباب دعم انتخاب الوزير فرنجية. لا علاقة للأمر بالعلاقة الشخصية التي نحرص على أن تبقى جيدة، كما نحرص على أن نتفق معه على الانتخابات الرئاسية وعلى غيرها من الأمور. وأنا لم أسئ له أبداً بالشخصي، لكن هذا لا يغيّر في أنني لا أجد مبرراً أقنع به جمهورنا بذلك. إذا وجدت أسباباً تقنعني ويمكن أن أقنع بها التيار يمكن أن أفعل. لكن أكرر أن لا مشكل شخصياً. بل على العكس، الدافع الشخصي لديّ إيجابي لتأييد سليمان فرنجية. شخصياً، قد يكون أفضل المرشحين بالنسبة إليّ، وأكرر أنه أصيل. لكن هنا لا أفكر بالشخصي، بل بالناس الذين أمثّلهم. بالنسبة إليّ شخصياً، لا مشكلة لديّ وحريصون على أفضل علاقة معه. يمكنك التبرير كما بررت تحالفك مع الرئيس بري في الانتخابات؟
لا مجال للمقارنة. في الانتخابات اشتغلت مصلحة التيار بالحصول على أكبر كتلة نيابية، ومن أجل تأمين الحاصل في بعض الدوائر كان علينا أن نفعل ذلك.

Scan the code