التخطي إلى المحتوى

أبوظبي: «الخليج»

بدأت أمس الأربعاء في أبوظبي أعمال مؤتمر اللغة العربية واللسانيات التطبيقية: الفرص والتطلعات، الذي ينظمه مركز التميز في اللغة العربية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وذلك ضمن مبادرات الجامعة العلمية والأكاديمية وحرصها على إثراء مجال البحوث والدراسات في حقول اللغة العربية، إلى جانب تعزيز رؤية قيادة الدولة الرشيدة في الاهتمام باللغة العربية، وإبراز دورها باعتبارها الوعاء الناقل للحضارتين العربية والإسلامية.

يشارك في أعمال المؤتمر التي تستمر بنهاية اليوم الخميس، نخبة من الباحثين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم.

ويأتي المؤتمر في إطَارِ اهتمام جامعةِ محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بالبحثِ العلميّ والنهوضِ باللغةِ العربية واستخداماتِها في حقلِ اللسانياتِ التطبيقيةِ والمجالات الحديثة، وتعزيز حضورها عالميًّا، وتنسيق الجهود البحثية لخدمتها على النحو الأمثل.

هذا الى جانب تفعيل دور اللغة العربية في المجتمع كوسيلة للتواصل بين البشر، وإثباتاً لقدرة اللغة العربية على مجاراة الاحتياجات والتوجهات المجتمعية.

وقال الدكتور خليفة مبارك الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، خلال الكلمة الافتتاحية للمؤتمر إن اللغةُ العربيةُ تواجه في وقتنا الحاضر تحدياتٍ كبيرةً، وخصوصاً في ظِلِّ التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الحديثة، فصار هذا الموضوعُ مُثيراً للتساؤلات من جوانب كثيرة، ويحتاجُ مِنَّا لقاءاتٍ وفعالياتٍ كثيرة لأن اللغةَ العربيةَ أضحت أداةً فَعَّالةً في وسائلِ الاتصال والإعلام في عصرِ العولمةِ والتكنولوجيا.

وأضاف الظاهري «حَظِيَت اللغةُ العربيةُ إلى جانبِ اللغاتِ العالَميَّة بعنايةٍ كبيرةٍ لدى الدارسين المتخصِّصِين لا سِيَّما في حقولِ اللسانياتِ التطبيقية والوصول إلى منجزاتٍ متسارعةٍ في هذا الحقل المعرفي المُهِمّ» وتابع: يشارك في أعمال المؤتمر 40 باحثاً ومختصاً في اللغة العربية من 22 دولة في 26 جامعة حول العالم، وذلك لاستعراضِ أحدثِ الدراساتِ والبحوث الأكاديمية والتطبيقية، واستشرافِ آفاقِ البحث والتطبيق في مجالِ اللسانيات التطبيقية، مشيراً إلى أن أهمية المؤتمر تنبعُ مِنْ كَـــوْنِ اللسانياتِ التطبيقية أصبحت حقلاً علمياً رصيناً، يُسهم في ترقيةِ الحصيلةِ اللغوية العلمية والمعرفية من خلال صلته بالعالم الفعلي، وعبر التركيز على مستوياتِ استعمالِ اللغةِ وارتباطها بحقولٍ معرفية أخرى، كعِلْمِ النفس وعِلم الاجتماع وعِلم التربية التي تُعد مسارات متطورة، تُطَبَّق فيها الأفكار والتصورات اللغوية المختلفة مِنْ أجلِ استثمارها في عدة تطبيقات.

وأشار الظاهري «إلى أن هذه العوامل تضع باحثي اللسانيات وخصوصاً في اللغة العربية، أمام تحدياتِ مواكبة التطورات البحثية والتطبيقية المتسارعة والنهوض بالبحث اللساني في اللغةِ العربية».

كما تحدث في الجلسة الافتتاحية الدكتورعمرو عزت سلامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا الأسبق في جمهورية مصر العربية والأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الذي أكد أهمية تعزيز دور اللغة العربية في العلوم الحديثة وتطبيقاتها، سواء على المستوى التعليمي أو البحثي.

وأشاد بتنظيم مثل هذه المؤتمرات التي تسهم في تبادل الخبرات والأبحاث بين المشاركين.

من جانبه أكد الدكتور رضوان السيد عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي دعم الجامعة الكامل لجميع الأبحاث والدراسات التي تخدم العلوم الإنسانية واللغة العربية، إلى ذلك قال الدكتور هيثم زينهم مدير مركز التميز في اللغة العربية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية إن المؤتمر يمثل ثمرة جهود متصلة بين إدارات الجامعة المختصة، وهو النسخة الثانية آخذاً بعين الاعتبار توصيات ومقترحات النسخة الأولى، وشكر المشاركين والباحثين من كل جامعات العالم وثمن حرصهم على الحضور والمشاركة، مؤكداً أنَّ ما يميزُ هذا المؤتمرَ هو مشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين والطلبة الذين في مقتبل مسيرتهم البحثية، حيثُ يشاركُ في المؤتمر مجموعةٌ من طلبة البحث العلمي في الجامعات العربية والغربية سواء أكانوا بمفردهم أم بإشراف أساتذتهم، وهذا أهمُّ ثمرةٍ لهذا المؤتمر، بناءُ الأجيال بناءً علمياً وبحثياً صحيحاً.

هذا وقد عقدت خلال اليوم الأول للمؤتمر ثلاث جلسات علمية، قدم فيها الباحثون خلاصة أوراقهم العلمية حيث تولى رئاسة الجلسة الأولى الدكتور مايكل كوبرسون من جامعة كالفورنيا، مؤكداً أهمية اللسانيات التطبيقية في خدمة المجتمعات، وهذا ما تناولته الأوراق العلمية الأربع حيث قدم الأستاذ الدكتور باترك ميرفي من جامعة وسط فلوريدا بحثاً بعنوان «شمولية وتعقيدات البحث اللغوي المعاصر متناولاً عدداً من الصعوبات التي تواجه البحث اللغوي واتساع اتجاهاته.

وقدمت الدكتورة أسماء عبد الرحمن نائب مدير جامعة المدينة العالمية للبحث والابتكار في ماليزيا، ورقة تناولت استراتيجيات تعليم اللغة العربية بمهارات التفكير الميتافيزيقيا لعام 2023 وأثر ذلك في الناطقين بغير اللغة العربية عبر دراسة وصفية مسحية.

أما الورقة الثالثة فكانت للدكتور ايجور مافير من جامعة ليو بلينا سلوفينيا، ودارت حول chat gpt4 وماذا في المستقبل؟

واختتمت الجلسة الأولى ببحث للدكتورة ندى غنيم والأستاذة خلود الجلاد حول التعليم العميق من تصنيف علائق الاستدلال الثلاثية في اللغة، وشهدت الجلسة حواراً ونقاشاً وأسئلة من الباحثين والحضور.

أما الجلسة الثانية فترأسها الدكتور سامي بودلاعة من جامعة الإمارات، أكد خلالها أهمية مسارات البحث العلمي المتعدد في اللسانيات التطبيقية، وربطها بالواقع والترجمة، وبدأت الجلسة ببحث للدكتور دايتر فوكس من جامعة فيينا في النمسا، وتناول التحول الثقافي في دراسات الترجمة، ثم جاءت الورقة العلمية الثانية من جامعة أليكانتي بإسبانيا للدكتور ميغل تولوسا حول تحديد أخطاء الترجمة، تبعتها ورقة من جامعة محمد الخامس من المغرب للدكتورة حكيمة خمار حول إعادة صياغة المحتوى للنص الآلي ومعالجة اللغة العربية آليا، أما الورقة الرابعة فكانت للدكتورة تيفاني ليفيك من جامعة تولوزج جان جوريس بفرنسا، ودارت حول التغيير والتبديل في نموذج القواعد والترجمة في اللغات التطبيقية في فرنسا، وكانت ورقة إدوارد كارلسلي من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية حول استراتيجيات فعالة لتوجيه الطلاب خلال رحلة اكتساب اللغة في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.

وجاءت الورقة السادسة للدكتورة مارتا بينتو من جامعة لشبونة بالبرتغال حول مساهمة استقبال الأعمال باللغة العربية في البرتغال دراسة حالة للترجمة التعاونية.

أما الجلسة الثالثة في اليوم الأول فترأسها عميد كلية الآداب بالجامعة الدكتور محمد الظريف الذي شدد على أهمية التمسك بالنحو وأصوله مع الحرص على تطويره من منظور متجدد، وقد كانت الورقة العلمية الأولى للدكتور محمد العمريني من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية الذي تحدث فيها عن النحو الوظيفي وأثره في اللسانيات التطبيقية، تلتها ورقة ثانية للدكتور عبدالله أحمد جاد من وزارة التعليم العالي بمصر حول دروس النحو التفاعلية التطبيقية الالكترونية الإيجابيات والتحديات، وتبعتها ورقة الدكتورة بث يانغ من جامعة وسط فلوريدا حول تطبيقات الاستخدام اللغوي قي معجم صموئيل جونسون للغة الإنجليزية، كما قدم المعهد العالي للدراسات التطبيقية بتونس بواسطة د. عواطف السمعلي ورقة حول الأصلي والزائد في الأفعال الرباعية المولدة بالإقحام في ضوء اللسانيات الحاسوبية إشكالات وحلول.

وكان ختام الجلسة الورقة العلمية للدكتور عثمان احمياني من جامعة محمد الخامس بالمغرب حول «تصورات حول طبيعة لغة الإشارة ورتبة مكونات جملها الفعلية البسيطة دراسة مقارنة».

كما تم تنظيم ندوتين الأولى عن المفهوم الخلدوني لاكتساب اللغة لمايكل كوبرسون من جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، أدارها الدكتور عبد الدائم السلامي من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، تلتها ندوة تعريفية عن مجلتي اللسانيات التطبيقية وقراءات حيث تحدث في هذه الندوة د. رضوان السيد عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ود. شكري المبخوت رئيس الهيئة التحريرية للمجلة ود. هيثم زينهم عضو الهيئة التحريرية للمجلة.

وتستمر أعمال المؤتمر يوم غد، حيث ستتم مناقشة عدة أوراق بحثية يقدمها نخبة متميزة من المختصين في اللغة العربية واللسانيات التطبيقية.

يذكر أن مؤتمر اللغة العربية واللسانيات التطبيقية يهدف إلى إتاحة الفرصة لإقامة شراكات علمية ودراسات بينية في مجال حوسبة اللغة، واستعراض الدراسات والبحوث اللسانية الأكاديمية والتطبيقية الحديثة التي تخدم المجتمع، وتحديد معالم التحديات المتعلقة بتوظيف التقنية في الحقول المعرفية الإنسانية واللغوية، والإفادة من الدراسات اللسانية الحديثة في تدريس اللغة العربية، إلى جانب استشراف آفاق البحث والتطبيق في مجال اللسانيات التطبيقية، وتطوير الدرس اللساني العام والعربي تحديداً وفق مجالات البحث في الدراسات البينية، وطرح الأفكار والرؤى حول تطوير تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وطرح رؤى بحثية مستقبلية لعلاقة اللسانيات بالعلوم الأخرى المختلفة.