التخطي إلى المحتوى

تذبذب سعر الليرة اللبنانية في الأيام الأخيرة (جوزيف عيد/فرانس برس)

يدخل الدولار بقوّة على الساحة اللبنانية هذا الأسبوع فارضاً نفسه لاعباً أساسياً تتجه الأنظار إلى حركته بالتزامن مع مسار الاستحقاقين الأبرز محلياً، الأول رئاسي مع انتهاء ولاية ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وسط توقعات بفراغ رئاسي لأجل غير مسمّى، والثاني، حكومي، بحيث لم يعد أمام رئيس الوزراء المكلّف نجيب ميقاتي سوى أيام معدودة حتى تشكيل حكومة جديدة.
ومنذ أيامٍ، تسجل الساحة اللبنانية حركة أخبار كثيفة تروّج لسيناريو يحضَّر له من أجل خفض سعر صرف الدولار بالتزامن مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، في خطوة يتعمّد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، القيام بها ضمن معركته مع عون، الأمر الذي أثار بلبلة في صفوف المواطنين الذين سارع الكثير منهم لبيع دولاراته على سعر مرتفع قبل انخفاضه، رغم تحذيرات خبراء الاقتصاد المستمرّة من أن مسار “النزول” مؤقت، ومخطَّط بهدف استنزاف مدخرات الناس.
هذا المشهد، رغم تأكيد أوساط مصرفية عدم صحّته، بيد أن أحد معالمه تعزّزت أمس الأحد، من خلال التعميم الذي أصدره المصرف المركزي، والذي انعكس سريعاً على سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
وانخفض الدولار أكثر من 5 آلاف ليرة لبنانية دفعة واحدة وفي أقلِّ من ساعةٍ، أي من 40 ألف ليرة لحدود الـ35 ألف ليرة، قبل أن يعاود اليوم الاثنين تقلّباته، على خطّ الـ37 ألف ليرة.

وأصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يوم الأحد بياناً أعلن فيه أن البنك المركزي سيقوم ومن خلال منصة “صيرفة” ببيع الدولار الأميركي حصراً ابتداءً من اليوم الثلاثاء، لافتاً إلى أنه لن يكون شارياً للدولار عبر المنصة من حينه وإلى إشعار آخر.

ويشهد سوق الصرافين حركة لافتة منذ أيام بالتزامن مع الأخبار التي يروَّج لها على صعيد انخفاض الدولار، بحيث يسارع مواطنون إلى بيع دولاراتهم بتسعيرات مرتفعة قبل نزوله، خصوصاً للمساعدة على تحمّل أسعار السلع والمواد الغذائية، التي لن تسجل تراجعاً أقله سريعاً، بحيث إن الدولار وإن انخفض إلى ما دون الـ40 ألف، بيد أن البضائع كلها ستبقى مسعَّرة على 41 ألف ليرة وما فوق، بذريعة أن الشراء تم على السعر الأعلى، وبانتظار استقرار السوق.

الدولار وإن انخفض إلى ما دون الـ40 ألف، بيد أن البضائع كلها ستبقى مسعَّرة على 41 ألف ليرة وما فوق، بذريعة أن الشراء تم على السعر الأعلى، وبانتظار استقرار السوق

في سياق المستجدات، يقول الكاتب الاقتصادي خالد أبو شقرا لـ”العربي الجديد” إن “مصرف لبنان طبع خلال الفترة ما بين 15 سبتمبر/أيلول و15 أكتوبر/تشرين الأول حوالي 25 ألف مليار ليرة، بينما يتردّد أنه اشترى حوالي نصف مليار دولار، الأمر الذي أبقى مسار الدولار تصاعدياً رغم الصدمات الإيجابية التي شهدتها الساحة اللبنانية على رأسها اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، وذلك نظراً للطلب العالي على الدولار في حين بقيَ العرض قليلاً، وكان من مصلحة الصرافين وشركات تحويل الأموال الذين يلمّون الدولارات لمصرف لبنان أن يبقى السعر مرتفعاً”.
ويضيف أبو شقرا: “مجرد قول مصرف لبنان الأحد بالتوقف عن شراء الدولار، توقع السوق تراجع الطلب مقابل ارتفاع العرض الأمر الذي ينعكس بانخفاض سعر الصرف، في ظل بيع الناس ما لديهم من دولارات”.

لكن الكاتب الاقتصادي يرى أن مسار الانخفاض لن يطول، وحكماً سيعاود سعر صرف الدولار الارتفاع باعتبار أن كل المؤشرات الموضوعية ما تزال غائبة حتى الساعة.
ويشير أبو شقرا إلى أن التجارب في لبنان أثبتت أن كل الملفات متداخلة وتوظف بخدمة السياسة العامة ولا فصل بين السياسات سواء النقدية أو المالية أو “السياسية”، وقد يكون الغرض من العملية المفاجئة النية بتسريع ولادة الحكومة، وأيضاً قد تخدم المسار المرتقب لاعتماد سعر صرف 15 ألف ليرة لبنانية الذي كان أعلن عنه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، والمنتظر اعتماده في وقتٍ قريب، ربما مطلع الشهر المقبل.

يشهد سوق الصرافين حركة لافتة بالتزامن مع الأخبار التي يروَّج لها على صعيد انخفاض الدولار، بحيث يسارع مواطنون إلى بيع دولاراتهم بتسعيرات مرتفعة قبل نزوله

من جهته، ينصح رئيس جمعية حماية المستهلك، زهير برو، المواطنين بعدم بيع دولاراتهم، معتبراً أن الانخفاض وهمي، وجزء من الألاعيب المكررة، وضمن بيع الأوهام، وغير مبني على قواعد اقتصادية بل حاجات سياسية، وبهدف لمّ الدولار من السوق بأسعار منخفضة، في وقتٍ سعر الصرف الفعلي في السوق هو 45 ألف ليرة لبنانية، وهامش التجار 43 ألف ليرة وسيبقى كذلك وإن هبط الدولار عند الصرافين.
ويشير برو في حديثه مع “العربي الجديد”، إلى أن “حاكم مصرف لبنان والمصارف هي المتحكمة بأطراف السوق، رفعاً وخفضاً، والضوابط الاقتصادية التي يمكن الركون إليها لربط الهبوط الحاصل غير موجودة، فهل هناك إنتاج دولار خارجي؟”

ويضيف قائلا: “صادرات لبنان لم تتطور ووارداته مستمرة بالارتفاع، ولا أحد يعرف الرقم الحقيقي للدولارات المتبقية، باستثناء الله ورياض سلامة، وللأسف، في كل مرة يقوم سلامة بالممارسات نفسها من دون أن يردعه أحد، لا بل هناك من يصفّق له، لذكائه أي على الطريقة اللبنانية”.
ويتأسف برو لعدم وجود معارضة حقيقية داخل المجتمع اللبناني الذي يعدّ مشوهاً بالكامل نتيجة انغماسه باللعبة الطائفية.

على صعيد متصل، بتغيّر سعر الصرف، سجلت أسعار المحروقات انخفاضاً ملحوظاً اليوم الاثنين، بحيث انخفض سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 58 ألف ليرة لتصبح 699 ألف ليرة، والبنزين 98 أوكتان 59 ألف ليرة لتصبح 715 ألف ليرة.

أما المازوت فانخفض 71 ألف ليرة لتصبح الصفيحة بـ845 ألف ليرة، في حين انخفض سعر قارورة الغاز 35 ألف ليرة لتبلغ 415 ألف ليرة.
وقال عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البركس في بيان إنه “بعد البيان الصادر عن حاكم مصرف لبنان تراجع سعر الصرف في الأسواق الموازية الحرة أكثر من 3150 ليرة.

وعلى أثره، صدر اليوم جدول تركيب لأسعار المحروقات التي انخفضت جميعها نتيجة تراجع سعر صرف الدولار الذي احتسب في جدول أمس 37200 عوضاً عن 40350 ليرة في الجدول السابق”.

Scan the code