التخطي إلى المحتوى


نشر فى :
الجمعة 26 أغسطس 2022 – 6:50 م
| آخر تحديث :
الجمعة 26 أغسطس 2022 – 6:50 م

مساء يوم الأربعاء الماضى كتب نائب رئيس الوزراء الأسبق د. زياد بهاء الدين على صفحته على الفيسبوك يقول: «صباح الخير.. اليوم يوافق الذكرى السادسة والعشرين لوفاة والدى الأستاذ أحمد بهاء الدين، رحمه الله، خالص التقدير والعرفان لكل من حفظوا معنا ذكراه الطيبة طوال السنوات الماضية، وأحاطوا سيرته بالود والوفاء، والدعاء للجميع بالصحة والسلامة».
انتهت كلمات الخبير الاقتصادى المرموق زياد بهاء الدين. وأكتب اليوم عن ذكرى وفاة الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، ليس فقط لأسلط مزيدا من الضوء على سيرة هذا الكاتب العظيم، ولكن لأننى مدين بالكثير لهذا الرجل.
من حسن حظى أننى كنت قارئا منتظما ومدمنا للمقال اليومى للأستاذ بهاء فى العمود اليمين للصفحة الأخيرة فى جريدة الأهرام، وبسبب هذه المداومة ويمكن أن تقول الإدمان فقد تعلمت الكثير من الدروس من الأستاذ بهاء.
الدرس الأول والأساسى أنه لكى تقنع الآخرين بما تقول وتكتب، فأنت لست محتاجا للصراخ والزعيق والصريخ والهتاف وإلقاء الاتهامات جزافا على الناس وتوزيع صكوك الوطنية على هذا الفريق، واتهامات الخيانة على الفريق الآخر.
تعلمت من بهاء الدين أن إقناع الناس بالمنطق والمعلومة والبيان هو أفضل طريق لاكتساب ثقتهم واحترامهم حتى لو كانوا مختلفين معك وإنك إذا لم تستطع أن تقول الحق فلا تزين للباطل.
تعلمت منه عدم المسارعة إلى اعتناق أى رأى أو فكر أو كلام أو بيان إلا بعد الفحص والتمحيص والتدقيق والاستماع لمختلف جوانب الصورة، هذا الأمر قد يكلف الكاتب الكثير ويحرمه من العديد من المزايا، لكنه يمنحه المزيد من الاحترام والصدق والتقدير لدى عموم الناس على المدى البعيد.
كان بهاء الدين قوميا وعروبيا دون تشنج أو ترديد لشعارات وهمية فارغة وجوفاء. كان مدافعا صلدا عن القضية الفلسطينية، وكل قضايا الأمة، لكن بصورة عقلانية تكشف مواطن الداء وتشخص العلاج، ونتذكر الدور المهم الذى لعبته كتاباته فى فضح الهجرة واسعة النطاق ليهود روسيا وأوروبا الشرقية وفلاشا إثيوبيا إلى فلسطين المحتلة.
لغة المنطق والبساطة والسهولة التى كان يكتب بها بهاء الدين أكسبته حب العقلاء، لكنها جعلت بعض السفهاء يتربصون به ويحاولون جره إلى معارك تافهة وسطحية، فلم ينجر وراءهم وعاملهم بكل ما يليق بهم من ازدراء.
حينما كتب زياد بهاء الدين الابن يوم الأربعاء الماضى عن ذكرى والده، فقد أحصيت بعد أقل من ١١ ساعة وجود ١١٠٠ تعليق و١٣٠٠ إعجاب و١٥ مشاركة، لكن الأهم من الكم، كانت نوعية الذين علقوا وأذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر محمد أبوالغار وعماد أبوغازى وغادة والى ومنى مينا وطارق العوضى وخالد طلعت وحسنى كحلة وزين العابدين فؤاد وفريدى بياضى وإيمان يحيى ووحيد الطويلة ونادية مغيث وشهرت محمود العالم ودينا الخواجة ومحمد الجارحى وأميرة سيد مكاوى وأحمد حسين صبور وجمال بيومى وصابر عرب ومايا مرسى وفاطمة خير ومحمد سلماوى وإبراهيم نوار وأمينة شفيق.
د. محمد أبوالغار كتب يقول: «كان رجلا عظيما ومخلصا فى حب مصر، وكان موهبة صحفية نادرة، رأس تحرير مجلة جديدة فرفعها إلى السماء، وبموهبته اختار شبانا أصبحوا نجوما فى الصحافة والفن والكاريكاتير، وانتقل لدار الهلال التى كانت فى حالة ركود فرفعها إلى السماء، وفى الأهرام كان نجما كبيرا، وحين رأى أن الظروف غير ملائمة للعمل فى مصر انتقل إلى الكويت ليرفع من شأن مجلة «العربى» الثقافية التى وصلت إلى الجميع، أصابه المرض قبل سنوات رحيله، فتوقف عن الإبداع ولكنه لا يزال موجودا بيننا بعلمه وفكره ووطنيته التى علمت ولا تزال تعلم أجيالا عديدة فى مصر وخارجها».
وكتب زين العابدين فؤاد: «يعيش فى ذاكرة الوطن وفى كتبه وسيرته وقلوب الأحباب». وكتب إيمان يحيى: «كان يفكر فى وطن لا يفكر». وأميرة سيد مكاوى كتبت: «له الفضل فى تكوين جزء مهم من عقولنا». ومحمد سلماوى كتب: «ذاكرة حاضرة لا تغيب».
رحم الله أحمد بهاء الدين الذى سيظل باقيا معنا ما بقيت الثقافة وحب المعرفة والرغبة فى الارتقاء بالوطن فى كافة المجالات كما كتب محمد سلماوى.
أمثال بهاء الدين لا يموتون حتى لو رحلوا بأجسادهم. ونحتاج إلى كثيرين أمثال بهاء الدين حتى ينيروا الطريق للتائهين فى ظلمات كثيرة فى وطننا العربى.