لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في كلمة ألقاها خلال عشاء رعيّة سيدة لبنان في ملبورن، الّذي يعود ريعه إلى تلاميذ المدارس في لبنان، إلى أنّ “هذه هي ثروتنا، تلامذتنا الّذين يتفوّقون أينما ذهبوا. وإذا خيّرتم أهلنا في لبنان بين تعليم أولادهم أو تقديم الغذاء لهم، لفضّلوا العلم من دون تردّد، وهذا ما يميّز أبناءنا في لبنان حول العالم، ذلك أنّ التّعليم هو أساسي بالنّسبة لهم”، مؤكّدًا أنّ “بلدنا يشهد أزمةً خانقةً أثّرت بشكل كبير على تلاميذنا في المدارس”.
وشدّد على أنّهم “يحاولون تدمير هذا القطاع، ولكنّنا لن نستسلم أبدًا، لأنّ التّعليم بالنّسبة لنا هو مسألة حياة أو موت”، مشيرًا إلى “أنّنا زرنا جماعاتنا وأبرشيّاتنا حول العالم، والتقينا جميع المسؤولين وسألناهم عن أبنائنا، فأجابوا بأنّهم خلّاقون، وهذا أمر نفتخر به كثيرًا”.
وتوجّه الرّاعي بالشّكر إلى السّلطات المدنيّة في أستراليا “الّتي فتحت أبوابها لجاليتنا، لكي تحقّق ذاتها وتساهم في نموّ البلد والمجتمع، وأنتم بروحانيّاتكم وليتورجيّاتكم وأخلاقكم تساهمون في ازدهار ونموّ هذا البلد، الّذي نشكره من قلبنا”. وركّز على أنّكم “تساعدون لبنان كثيرًا، ولولا شعبنا الموجود في الخارج، في أستراليا، الخليج، كندا وأفريقيا ومساعداتهم، لمات أهلنا من الجوع”.
واعتبر أنّ “جوهر مشكلتنا في لبنان، هو انعدام ثقة المسؤولين ببعضهم البعض بكلّ أسف، والشّعب لم يعد يثق بلبنان. لقد فقدوا الثّقة لأنّهم غير مخلصين لبعضهم البعض، فلكلّ مصلحته المؤمنة، وهم لا يريدون البحث حول الطّاولة عن إيجاد حل لمشكلة لبنان، وما من أحد بينهم يريد الخسارة”، مبيّنًا أنّ “عند فقدان الثّقة، يكون الخطر كبيرًا جدًّا، فهي عنصر أساسي في الحياة، ألّا أنّها مفقودة في لبنان، وهذا أمر مؤسف جدًّا”.
كما أكّد أنّ “الأمر الأساسي مذكور في مقدّمة الدستور، الّذي ينصّ على أنّ لبنان وطن نهائي لكلّ أبنائه، ولكن للأسف أبناؤه ليسوا جميعًا للبنان وهذا أمر مخز”، لافتًا إلى أنّ “بالنّسبة لنا ككنيسة، ثقتنا كبيرة بلبنان وبجميع اللّبنانيّين، ونعمل بشكل دؤوب للحفاظ على هذه الجوهرة في الشّرق، ولا يمكننا على الرّغم من كلّ الصّعوبات أن نرمي سلاح الإيمان، بل نعمل ليلًا ونهارًا للحفاظ على وطننا الّذي جعله الله مميّزًا في محيطه”.
وأعلن الرّاعي “أنّنا ككنيسة وأكثر من أيّ وقت مضى، نثق بلبنان وبكلّ اللّبنانيّين، وعملنا دؤوب لتثبيت الثّقة بين جميع اللّبنانيّين، ونحن نثق بلبنان وبشعبه وبقيادته”.