التخطي إلى المحتوى

القاهرة في 19 سبتمبر /وام/ ثمنت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية الدور الفاعل الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة، في خدمة القضايا التي تهم المنطقة والعالم، مؤكدة إن هذا الأمر ليس جديدا على الإمارات وقيادتها الحكيمة، فهي تواصل بكل ثقة نهضة تنموية شاملة تضمنت تبنّي العديد من السياسات الفعّالة التي ساعدتها على تحقيق طفرة علمية ومجتمعية في مجال البيئة والطاقة المتجدّدة، وتحرص في الوقت ذاته على التفاعل مع القضايا الاقتصادية والتنموية الإقليمية والعالمية والقيام بدورها تجاهها.

وقالت، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات “وام” ، إن استضافة دولة الإمارات لمؤتمر “COP28” تأتي تأكيداً لهذا الدور، لافتة إلى أن هذه الاستضافة، واستضافة مصر لمؤتمر العام الماضي، تعد مؤشرا على فعّالية وحيوية دور المنطقة العربية في الحوار السياسي للمجتمع الدولي بصفة عامة، وتأكيداً لأهمية المنطقة في توجيه الجهود العالمية لمعالجة القضايا والتحديات التنموية الرئيسية وفي مقدمتها قضية تغيّر المناخ، من خلال استضافة أهم المؤتمرات الدولية في هذا المجال لدورتين متتالين في المنطقة العربية.

وأضافت: “لا شك في أن دولة الإمارات ستقوم بالبناء على مخرجات مؤتمر COP27 في شرم الشيخ، الذي نجحت مصر من خلاله في إحراز تَقدّم في تفعيل الحوار العالمي حول قضايا المناخ بتجميع 197 دولة حول هذه القضايا إضافة إلى تأكيد جميع التكتلات العالمية على متطلبات العمل المناخي، والنجاح في التوصّل لتوافق عالمي حول إنشاء صندوق للتعويض عن الخسائر والأضرار الناجمة عن تداعيات تغيّر المناخ، حيث أكدت دولة الإمارات في عِدَّة مناسبات عالمية التزامها بالبناء على مُخرجات مؤتمر “COP27″، وتعزيز المكانة الريادية للدول العربية ومستهدفاتها المناخية أمام العالم”.

وقالت السعيد، إن المُتتبع للآثار البيئية لظاهرة التغيّر المناخي على مستوى العالم سيلاحظ أن الظواهر المناخية المتطرفة كموجات الحَرّ الشديدة وموجات الجفاف القاسية والممتدة والفيضانات المدمرة وغيرها، لم تعد استثناء ولا تحدث على فترات ممتدة كما كان معهودا في السابق، بل أصبحت تحدث على فترات زمنية قصيرة للغاية وبصورة دورية أسرع، وعلى نحو أكثر تطرفاً وقسوة من ذي قبل وعلى نطاق أكثر اتساعاً يشمل مجموعة من الدول أو إقليما جغرافيا بأكمله.

وشددت على أن تداعيات ظاهرة التغيّر المناخي لم تعد محدودة أو قاصرة على الأثر البيئي المباشر، بل إن تأثيرها يتعدّى ذلك لتترتب عليه تداعيات اقتصادية واجتماعية ملموسة، فضلاً عن تأثيرها على نمط الحياة اليومية لمئات الملايين من البشر حول العالم، ولعلَّ أخرها تسجيل الأرض أعلى مستوى لمتوسط درجة الحرارة العالمية خلال شهر يوليو 2023 وما صاحب ذلك من اندلاع حرائق وموجات جفاف في العديد من المناطق حول العالم، وفرض بالتبعية على العديد من الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء ترشيد استهلاكها من الكهرباء والطاقة نتيجة ارتفاع معدلات الاستهلاك لهما بشكل غير مسبوق، وبما يفوق القدرات الاستيعابية لذلك الحجم من الطلب المفاجئ.

وأشارت إلى أن المنطقة العربية تقع في القلب من التحديات البيئية خصوصًا وأن لديها تاريخ ممتد في التعامل مع المناخ القاسي بما في ذلك انخفاض هطول الأمطار والفيضانات المتكرّرة والجفاف ودرجات الحرارة القصوى، موضحة أن الوضع ازداد صعوبة مع تزامن هذه التحديات مع التطورات المجتمعية الحديثة مثل النمو السكاني والحضري السريع والاضطرابات السياسية، وهي أمور تجعلها من بين أكثر مناطق العالم عُرضة وتأثًرا بتغيّر المناخ.

وذكرت أن المنطقة العربية تضم 14 دولة من بين أكثر 20 دولة تُعاني من الإجهاد المائي في العالم، وأن الموارد المائية الداخلية السنوية للمنطقة تبلغ 6% فقط من متوسط هطول الأمطار السنوي، مقابل متوسط عالمي يبلغ 38%، في الوقت الذي أدى الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية في المنطقة إلى تدهور شديد في النظام البيئي، إلى جانب اعتماد سكان الريف بشكل كبير على زراعة الكفاف والرعي التي تتأثر بالمناخ، الأمر الذي يجعل مستوى معيشتهم عرضة لتغيرّات المناخ ونُدرة الموارد المائية.

وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، إن هناك المخاوف العالمية التي برزت في ضوء التحديات المرتبطة بتغيّر المناخ، دفعت المجتمع الدولي في أواخر القرن الماضي إلى الجلوس والتشاور في كيفية مواجهة مخاطر هذا التغيّر لبناء مستقبل أفضل للشعوب والدول، لافتة إلى أن الحوار الدولي في هذا الصدد فعَّال منذ عام 1997 في “اتفاقية كيوتو”، وكذلك من خلال تجديد النقاش حوله في اتفاقية باريس عام 2015.

وأعربت السعيد عن ثقتها التامة بأن دولة الإمارات ستلعب الدور المحوري المطلوب لمواصلة الحوار التشاوري بين أطراف المجتمع الدولي للوصول إلى توصيات تُسهِم في معالجة القضايا البيئية، خصوصاً وأن مؤتمر دبي يكتسب أهمية خاصةً كونه سيشهد أول تقييم للحصيلة العالمية للتقدّم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، ورفع سقف الطموح لتحقيق تقدم فعلي في مختلف المسارات، بما في ذلك دعم الدول الأكثر تعرضاً لتداعيات تغيّر المناخ وتحديد إجراءات التكيّف ومعالجة الخسائر والأضرار.

وأكدت أن الإمارات ستواصل البناء على ما تحقق من تقدّم في قمة المناخ “COP 27” بشرم الشيخ، التي فتحت المجال لإنجاز تاريخي في مساعدة البلدان النامية على التعامل مع الخسائر والأضرار الناجمة عن آثار تغيّر المناخ، موضحة أن هناك العديد من المُخرجات الفعّالة التي أثمرت عنها جهود الإدارة المصرية، ومنها إنشاء صندوق لمساعدة البلدان التي تواجه أضرارًا جسيمة نتيجة تغيّر المناخ، وهو مطلب استمر على مدار ما يَقرُب من ثلاثة عقود ظلَّت خلالها البلدان النامية تطالب بالدعم المالي لمساعدتها على التكيّف مع التأثيرات الأشد خطورة لتغيّر المناخ وهو ما بدأ يتحقق أخيرا بتوصّل البلدان إلى توافق في الآراء بشأن الترتيبات التمويلية، بما في ذلك إنشاء صندوق مُخصّص للخسائر والأضرار.

وقالت إن الرئاسة المصرية لمؤتمر “COP27” ساهمت في تطوير وإطلاق مجموعة من المبادرات الرائدة في مسار العمل المناخي، مثل تحويل النُظُم الغذائية، والمناخ والأمن، والمدن المستدامة، وإن من المتوقع أن يشهد مؤتمر “COP28” متابعة وتقييم ما تم إحرازه من تَقدّم بشأن هذه المبادرات، بالإضافة إلى بناء مزيد من هذه الشراكات والمبادرات.

وتابعت السعيد: “هناك تطلُّع لأن تستكمل القمة التي تستضيفها الإمارات التَقدّم المُحرَز في مجال التكيّف الذي كان أقل بكثير مما هو مطلوب لمعالجة التأثيرات المتسارعة والشديدة؛ إذ لم تحقق البلدان المتقدمة تقدماً كبيراً نحو الوفاء بالالتزام الذي تعهدت به كجزء من ميثاق “غلاسكو” للمناخ لمضاعفة تمويل التكيّف من مستويات عام 2019 بحلول عام 2025. ولم يتم الاتفاق على خارطة طريق لتنفيذ هذا الهدف كما هو مخطط له”.

وأضافت: “نتطلع كذلك لأن تستكمل القمة في دبي جهود تحقيق إصلاحات فعّالة في عملية التمويل المناخي، والتي احتلت الصدارة في المفاوضات في آخر دورتين، خصوصاً مع استمرار مخاوف الجدية التي تشعر بها البلدان النامية بشأن عدم وفاء البلدان المتقدمة بالتزاماتها بتوفير 100 مليار دولار سنوياً، حتى مع تزايد وضوح الحاجة إلى التمويل”.

وقالت الوزيرة المصرية: “سيواصل مؤتمر “COP 28″ البناء على ما تَحَقق، مع وضع آليات تنفيذية بآجال زمنية مُحدَّدة ومُلزِمَة للعديد من الموضوعات التي تم التوافق بشأنها، ومنها صندوق الخسائر والمخاطر، وإطلاق خطة عالمية لإنشاء نظام للإنذار المُبكِّر وما تتطلبه من تمويلات، تبلغ نحو 3.1 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المُقبلة، لضمان التنفيذ الفعّال، وتغطية كل شخص على وجه الأرض بأنظمة إنذار مُبكِّر فعَّالة متعدِّدة المخاطر خلال الفترة المحدَّدة، كما يُنتظر الوصول إلى نتائج مَلموسة بشأن تفعيل برنامج عمل للتكيّف مع التغيّر المناخي، ووضع حدود مُلزمة قانوناً لانبعاثات الاحتباس الحراري”.