خلال إضراب المصارف اللبنانية (حسين بيضون/ العربي الجديد)
تستعدّ مصارف لبنان لإعادة فتح أبوابها “جزئياً” يوم غدٍ الثلاثاء، وفق تأكيدات مراجع مصرفية، ولكن ضمن تدابير حادّة واستثنائية لن يُصار إلى “فكّها” في المدى المنظور، في ظل استمرار عمليات اقتحام المودعين البنوك، ما يحصر بالتالي علاقة “المودعين” العاديين غير التجار والشركات، بالمعاملات عن بعد عبر الصرافات الآلية “ATM” وخدمات الزبائن الهاتفية.
وأقفلت المصارف اللبنانية أبوابها يوم الجمعة الماضي، اعتراضاً على الاقتحامات التي يقوم بها المودعون الذين تحتجز المصارف أموالهم من دون أي سند قانوني منذ عام 2019، وامتدّ الإقفال نتيجة عطلتي الأسبوع السبت والأحد والعطلة الرسمية الاثنين بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف.
في السياق، قال رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج، لـ”العربي الجديد”، إن فتح المصارف ابتداءً من غدٍ الثلاثاء سيكون جزئياً باعتبار أنه سيكون ضمن آليات محددة واستثنائية، والعودة لن تكون “طبيعية”، بل شبيهة بالوضعية التي اتخذتها المصارف أخيراً قبل الاقتحامات التي حصلت الخميس الماضي، وبعد فكّها الإضراب.
وأشار الحاج إلى أن ماكينات الصرافات الآلية ستكون متاحة للزبائن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مراكز وخدمات الاتصالات، أي ما يُعرَف بالـ”كول سنتر”، وستجري العمليات مع مصرف لبنان والمقاصة طبعاً، على أن يجري تسيير أعمال الشركات، وبالتالي فإن الزبائن التجار لهم أن يقصدوا فروع البنوك، ولكن بعد أخذ مواعيد مسبقة من المصرف.
وقفة احتجاجية
وأكد الحاج أن “هذه الإجراءات ستستمرّ حتى تتغيّر الظروف، إذ لا يمكن مواصلة سياسة الحصول على الودائع بالقوّة، ما يعرّض أمننا وسلامتنا وحياتنا للخطر، ونأمل عودة الأمور إلى طبيعتها، وأن تفتح المصارف أبوابها لجميع الزبائن، بعدما تكون الدولة أوجدت معالجة جدية للودائع”، مشيراً إلى أن “الخرق متوقع، وعمليات الاقتحام منتظرة أيضاً، وبالتالي قد نكون أمام تكرار لسيناريوهات الإقفال والفتح”.
كذلك، يشير الحاج إلى أن الموظفين والعاملين في القطاع المصرفي سينفذون وقفة احتجاجية يوم الأربعاء في ساحة رياض الصلح في بيروت، تحت عنوان “أمن وسلامة المصرفيين خط أحمر”، وقد حصل الاعتصام على ترخيص من قبل بلدية بيروت، معتبراً أنه “لا يمكن ضمان شيء، وقد يكون هناك محاولات لـ”خربطة التحرك”، لكننا مضطرون لرفع الصوت وعدم السكوت إزاء ما يحصل، فإما نحن نعيش في غابة أو دولة”، مشدداً: “إننا جزء أساسي من القطاع المصرفي وليس فقط أصحاب المال، وعملنا لسنين حتى يأخذ القطاع دوره”.
وإذ أكد الحاج أن “المودع هو ضحية، والأضعف بكل هذه الأزمة الكبيرة، ونحن لا ننكر حقه في ودائعه”، شدد على أن “أسلوبه هذا لن يؤدي إلى شيء، ولا يخدم قضية المودعين عامةً، لا بل إن قلّة من المودعين تحصل على حقها أو جزء من ودائعها، في حين أن العدد الأكبر والغالبية لم تستفد من هذه العمليات، حتى تحركات المودعين الميدانية خجولة، ولا يشارك فيها إلا مئات بالكثير، بينما هناك آلاف المودعين على مستوى لبنان، من هنا يجب وضع القطار على السكة الصحيحة، والسعي باتجاه خطة واضحة وشاملة”.
توجيه البوصلة
ولفت رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف إلى أن “على المودعين توجيه البوصلة إلى من أهدر أموالهم وأموال الدولة، فهي التي استنزفت القطاع المصرفي، وسحبت كل الودائع من خلال مصرف لبنان لتغطية سياسات مالية خاطئة ارتكبتها على مرّ السنين الماضية، وفي إطار تلزيم مشاريع بالدولة بالواسطة والهدر والفساد، وتغطية عجز الكهرباء وسلسلة الرتب والرواتب بعيداً من الإيرادات”.
وشدد على أنه لا ينفي أن “هناك تجاوزات ومحسوبيات، لكن هذه المشهدية ستبقى طالما أن لا قوانين تعطي الحقوق والواجبات نفسها للمواطنين والمودعين، على رأسها الكابيتال كونترول الذي يحقق المساواة بين كل المودعين”.
وتشدد روابط وجمعيات المودعين في لبنان على مسؤولية المصارف بجزءٍ كبيرٍ عن الأزمة “عبر تمويلها من مدخرات المودعين فساد المنظومة الحاكمة ومشاريعها وصفقاتها التي حصلت على حساب الشعب، ولم تدخل إلى خزينة الدولة أي قرش”.
وتؤكد أن “استمرار المصارف في احتجاز أموال المودعين منذ عام 2019، وإصدار تعاميم تضرب قيمة الودائع بالدولار الأميركي، في وقتٍ يتجاوز فيه سعر صرف الدولار في السوق الموازية السوداء 39 ألف ليرة لبنانية، وتقاعس السلطة السياسية عن تحمل مسؤولياتها، وغياب السلطة التشريعية عن إقرار القوانين التي تنحاز إلى مصلحة المودعين والشعب اللبناني، وغياب السلطة القضائية، كل ذلك من شأنه أن يزيد الوضع سوءاً، ويكرّس استيفاء الحق بالذات”.