التخطي إلى المحتوى

انطلقت أمس في أبوظبي فعاليات النسخة الأولى من مؤتمر العلاج بالفن تحت شعار “التمكين من خلال الإبداع”، والذي ينظمه مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية – إيواء، التابع لدائرة تنمية المجتمع، في فندق “إرث” بأبوظبي، ويعتبر الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي يسلط الضوء على الدور الكبير للفن في الشفاء من الصدمات.

علاج
واستقطب المؤتمر نخبة من الخبراء المتمرسين للحديث عن التطبيقات الواسعة للعلاج بالفن والتقنيات المستخدمة في هذا النوع من العلاج وطرق التعامل مع مختلف أنواع الصدمات، ويأتي المؤتمر في وقت يبرز فيه الدور الكبير لتقنيات العلاج بالفن والموسيقى والدراما والرقص والعلاج الحركي في مساعدة من يمرون بصدمات نفسية في التعبير عمّا مروا به بطرق أخرى غير الكلمات، كما صاحب المؤتمر معرض خاص للفنون التي أبدعها عدد من الناجين من الصدمات النفسية من منتسبي مركز أبوظبي للإيواء، والتي شكلت واحة للأمل والسعي الحثيث للمضي نحو ضفاف النور.

تعزيز
واستُهلّت فعاليات المؤتمر بكلمة افتتاحية لسارة شهيل، مدير عام مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية – إيواء، أكدت فيها على التزام المركز بالعمل على تعزيز وتطوير القدرات العلاجية للفن، وقالت: “الفن هو أحد أهم أشكال التعبير عن الذات، التي لا تقيّدها الحدود الثقافية أو اللغة أو خلفية الإنسان، وللفنّ بمختلف أشكاله قدرة كبيرة على نقل المشاعر والتجارب والقصص بطريقة قد تعجز عنها الكلمات”.

وشهدت فعاليات اليوم الأول مشاركة العديد من المتحدثين الملهمين، الذين قدموا لمحة عن عالم العلاج بالفن، وشاركوا تجاربهم وخبراتهم في هذا المجال، فضلًا عن الحديث عن أساليب العلاج بالفن التي كان لها أثر كبير على الأفراد والمجتمعات. وتحدث الدكتور عروض اليمي من جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية عن رحلة العلاج بالفن في منطقة الخليج العربي والصعوبات التي تقف أمام تطوير هذا المجال، وقال: “إن مفهوم استخدام الفن كعلاج قديم قِدم الإنسان، واستخدام الفن كأداة للشفاء وتحسين حياة الإنسان موجود في شبه الجزيرة العربية، وغيرها من الثقافات، قبل أن يُعرف هذا المجال كتخصص فعلي اليوم”.

وقدمت أخصائية العلاج بالفن المصرية كارول حمّال برنامجًا قامت بتطويره لمساعدة النساء المعنفات، موضحة طريقة عملها على هذا البرنامج في مصر، ودور الصدمة الجماعية في تأسيس هذا البرنامج.

وصرّحت كارول: “بحسب مبادرة الاستقصاء العالمي للصحة النفسية، فإن أكثر من 70% من البالغين في 24 دولة أبلغوا عن التعرض للصدمات. ولذلك، قمنا بتطوير برنامج التدخل المركز لعلاج الصدمات بالفن لأربعة أيام، والذي يجمع بين العلاج النفسي التحليلي والوجودي. يستخدم الفن كوسيلة لفهم المشاعر والتعامل مع الصدمات من أجل الوصول لمرحلة التعافي وتسريع الشفاء”.

من جهة أخرى، تحدثت أخصائية العلاج الحسي الحركي بالفن، كريس ستورم، عن دور التحفيز الحسي من خلال استخدام اليدين لعمل أشكال فنية في تحسين قدرة الإنسان على التواصل مع ذاته، ومنحه شعورًا بالراحة، وتحسين قدرته على التخفيف من توتره والاهتمام بنفسه.

تحفيز
وأكدت ستورم بأنه من الممكن تحسين التحفيز الحسي من خلال القيام بأي عمل فني باليدين، فهذا الأمر يحسن من قدرة الإنسان على التواصل مع نفسه والاهتمام بها. وأعطت مثالًا عن تشكيل الصلصال وكيف يساعد في تهدئة الأعصاب.

كما تضمنت فعاليات اليوم الأول ورشتي عمل حول التعافي من الصدمات من خلال الرسم الموجه كمنهجية حسية حركية لتعزيز الوعي بالجسم، ودور الجانب الروحاني للعميل خلال علاجه بالفن في مسيرة التعافي من الصدمات النفسية. وشهد المؤتمر عرض ما يقرب من 100 عمل فني لناجين من العنف والإيذاء والاتجار بالبشر.

وسلطت فعاليات مؤتمر العلاج بالفن في يومه الأول الضوء على إمكانية الاستفادة من العلاج بالفن كأداة فاعلة لتحسين الصحة النفسية للإنسان، وتعزيز قدرته على النمو الشخصي وفهم ذاته والتعبير عنها بطريقة أفضل. واستكشف المؤتمر التأثير الكبير للعلاج بالفن في تغيير حياة الأفراد والمجتمعات.