ميقاتي يجول جنوباً: تكثيف العمل لتحييد لبنان ودعم المؤسسة العسكرية
يسود الهدوء الحذر منذ ساعات صباح اليوم الثلاثاء القرى الحدودية جنوبي لبنان، وسط تحليق متواصل للطيران الإسرائيلي في الأجواء الجنوبية، وذلك بعد ليل شهد استمرار المناوشات النارية بين حزب الله وجيش الاحتلال.
ونعى حزب الله، اليوم الثلاثاء، ثلاثة من عناصره سقطوا في قصف إسرائيلي طاول، الاثنين، العديد من البلدات والقرى الحدودية الجنوبية واستمرّ حتى ساعات الفجر بشكل متقطع، بينما استهدف الحزب مواقع ومراكز إسرائيلية، محققاً بحسب إعلانه إصابات مباشرة فيها.
ووسط المشهد الميداني الأمني، قام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، بجولة في الجنوب زار خلالها مقر قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش في ثكنة صور، وكان في استقباله قائد الجيش العماد جوزيف عون، قبل أن يتوجه الاثنان لاحقاً إلى مقرّ قيادة الـ”يونيفيل” للقاء القائد العام لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان الجنرال أرلدو لازارو ساينز.
وقال مصدرٌ في قيادة الجيش اللبناني لـ”العربي الجديد”، إن “قائد الجيش وضع رئيس حكومة تصريف الأعمال في أجواء الأوضاع في الجنوب منذ اليوم الأول على بدء الاشتباكات على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة (بالتزامن مع عملية طوفان الأقصى)، وكذلك كيفية عمل الجيش في هذه المرحلة، والتنسيق الذي يقوم به بشكل مستمرّ مع يونيفيل”.
وأشار المصدر إلى أن “العماد عون تحدث عن أهمية أن يكون هناك تعاون سياسي في هذه الفترة بالتزامن مع الجهود العسكرية الأمنية للحفاظ على الاستقرار في الجنوب”، لافتاً، إلى أن “المؤسسة رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها إبان الأزمة الاقتصادية فإنها لا تزال قادرة بتعاون جميع أبنائها على مواجهة كل ما من شأنه أن يهدد لبنان وأراضيه”.
ولفت المصدر أيضاً إلى أن “ميقاتي وضع بدوره قائد الجيش بصورة الاتصالات الدبلوماسية الخارجية التي يجريها لوقف الاستفزازات الإسرائيلية بوجه حزب الله والاعتداءات التي لا يمكن السكوت عنها، وطاولت مدنيين وأطقماً إعلامية، لكن حتى اللحظة لا ضمانات أكيدة حول تدخل دولي في هذا المجال، كما وضع ميقاتي قائد الجيش في أجواء المحادثات السياسية من أجل حثّ الأطراف على ضبط نفس، وخطة الطوارئ التي تضعها الحكومة في حال حصول الأسوأ وتعرّض لبنان لعدوان إسرائيلي، واطلع منه على أوضاع الجيش على الحدود وحاجياته، وأكد الوقوف الكامل إلى جانب المؤسسة العسكرية”.
في السياق الميداني، قال المصدر نفسه لـ”العربي الجديد”، إن “الأجواء حالياً هادئة على الحدود، والجيش اللبناني مع يونيفيل يسيّران الدوريات كالعادة… هناك تحليق مكثف لطيران الاحتلال، ولكن لا ضربات سجلت حتى اللحظة، علماً أنّ وتيرتها خفّت في اليومين الماضيين مقارنة مع الأسبوع الماضي”.
من جهته، قال مصدرٌ في الـ”يونيفيل” لـ”العربي الجديد” إن هناك إجراءات مكثفة على الحدود وفي القرى والبلدات الحدودية الساخنة التي يطاولها القصف، لافتاً إلى أنّ التواصل مع الأطراف مستمرّ لحثهم على ضبط النفس ووقف إطلاق النار. وقال: “رغم عدم التجاوب التام مع هذه الدعوات ولكن محاولاتنا ستستمرّ حتى عودة الهدوء إلى الجنوب”.
وأوضح المصدر أن ساعات الهدوء التي تكون خلال النهار لا يمكن اعتبارها مؤشراً لعودة الاستقرار الكامل، لأن الاشتباكات متقطعة، وهناك فترات تشتد بها، مشيراً إلى أن الـ”يونيفيل” اتخذت بدورها بعض التدابير المهمة لحماية مقارها وأطقمها وموظفيها، وذلك بعدما طاولتها الاشتباكات. وقال إن عملها مستمرّ وأنشطتها ستبقى “ولا خطط لدينا للمغادرة”.
تجدر الإشارة إلى أن جميع المدارس العامة والخاصة والثانويات والمعاهد المتاخمة للمناطق والمواقع “الساخنة” على الحدود لا تزال مقفلة بوجه التلاميذ منذ بدء الاشتباكات، بينما سجلت حركة نزوح كثيفة من هذه البلدات، وقد فتحت بعض المدارس في مناطق جنوبية آمنة أبوابها لبعض العائلات.
وفي مقابلة مع “العربي الجديد”، قال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، هكتور حجار، إن “البلدات الواقعة على الشريط الحدودي الجنوبي مع فلسطين المحتلة، على مسافة خمسة كيلومترات تقريباً، باتت فارغة بنسبة 80 إلى 90 في المائة، من بينها الناقورة ويارون ومارون الراس وعيترون وغيرها. وثمّة عائلات قصدت مراكز إيواء عددها ثلاث، في مدينة صور، لكنّ العدد الأكبر منها نزح عند أقارب، سواء في مناطق جنوبية أكثر أماناً أو خارج نطاق الجنوب”. وأكمل: “نحن نتابع ذلك، وثمّة جهود تُبذل في عملية رصد أماكن النازحين لتقدير العدد الحقيقي ومسار انتشارهم”.
من جهتها، أفادت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، أنّ نحو 20 ألف شخص نزحوا من المنطقة الحدودية الجنوبية في لبنان، من جرّاء التصعيد العسكري الحاصل.