ميريام بلعة
المركزية– “من الأسهل تجربة شيء ما بدلاً من إثبات أنه لا يمكن القيام به” بهذا المثل الإنكليزي يمكن وصف “الإقفال القسري” الذي لجأت إليه المصارف لحماية موظفيها وعملائها من الاقتحامات المتتالية التي “شنّها” بعض المودِعين للحصول بقوة السلاح، على جزء من ودائعهم…
فما حصل في الساعات الـ48 الأخيرة قد يكون أثبت أن “الإقفال القسري” لن يردَع بعض المودِعين عن اقتحام بعض فروع المصارف للحصول عنوةً على الأموال لسبب أو لآخر.. لينتهي الأمر بتسليم الفاعل إلى القوى الأمنية بعد أن يكون قد حصل على مبلغه المُراد…
الأيام الثلاثة من “الإقفال القسري” لم تشجّع المصارف على اتخاذ مثل هذا القرار مجدداً، “بعدما واجهت خلالها انتقادات جمّة لاذعة وتحديداً من قِبَل بعض وسائل الإعلام على أنها أقفلت أبوابها في وجه المواطنين واتهامها بابتزاز الدولة والحكومة…إلخ، الأمر الذي حدا برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى التدخّل طالباً من المصارف العودة عن قرار الإقفال. كما أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امتنع عن تسليمها الأموال طوال فترة الإقفال للضغط عليها من أجل إعادة فتح أبوابها” بحسب ما كشف مصدر مصرفي لـ”المركزية”.
يبدو أن لا قرار حتى اليوم باستعادة الأمن والأمان إلى البلاد، بل باستمرار الفوضى وبالتالي استمرار الاقتحامات المتتالية للفروع المصرفية… هل يجب على المصارف وموظفيها تحمّل تبعات هذه الفوضى “المدروسة”؟!
الحاج: “خروقات” وليس “اقتحامات”
رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج الحاج يرفض عبر “المركزية”، تسمية ما حصل أمس واليوم في بعض المصارف بالـ”اقتحامات”، بل “مجرّد خروقات تمت معالجتها ولا تستدعي قراراً بالإقفال”، ويقول: ما حصل يوم “الجمعة الشهير” لم يتكرّر، إنما جلّ ما حصل خرقان في الأمس أما اليوم فثلاث: في صور (بنك بيبلوس)، وطرابلس (مصرف FNB)، وشتورا (مصرف BLC). المشكلة التي حصلت في المصرف الأخير تمّت معالجتها، وفي صور هي قيد المعالجة على نحو “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”، وكذلك الأمر في طرابلس كون الإشكال مع موظفين من شركة “قاديشا”.
ويشدد على أن “كل هذه الإشكالات بعيدة كل البُعد عما حصل يوم “الجمعة”… طالما أن إدارات المصارف وموظفو الفروع قادرون على حل المشاكل الطارئة من دون أن يكون هناك تهديد مباشر على أمنهم وسلامتهم أو تصرّفات غير محترَمة في حقّهم، فنحن كاتحاد لا نستطيع إلا أن نكون إلى جانب الموظف والمودِع الذي يجد نفسه أمام مواقف غير مُستَحَبّة نظراً إلى التدابير الأمنية المُتَخذة على أبواب المصارف”.
لكن ذلك، يُضيف الحاج، “لا يدفعنا كاتحاد إلى اتخاذ المبادرة وإعلان التوقف عن العمل أو تصويب الوضع، في حين أن البلاد بحاجة إلى قليل من الهدوء لتخطي هذه المرحلة الصعبة التي نمرّ بها على الصعد كافة”.
ويقول: نحن أمام مسلسل طويل. وطالما لا يوجد حتى اليوم أي حل لأزمة الودائع، سيبقى الموظف يعيش يومياً بجوّ مشحون بالخوف والقلق والتوتّر… هناك إشكالية تقع على عاتق الدولة عليها حلها، وإلا سنبقى ندفع الثمن كموظفي مصارف ومودِعين. فالدولة مسؤولة عن إيجاد حل لمشكلة الودائع كما يجب.. وبدل أن تفعل ذلك وتطمئن المودِع، نجدها “تصبّ الزيت على النار” عبر خطة للتعافي الاقتصادي طيّرت 60 مليار دولار من الودائع ومن رأسمال المصارف… وهذا غير منطقي إطلاقاً.
ويأسف لكون المصارف “لا تزال غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها اتجاه المودِعين، لأن أموال المصارف التي تم إيداعها في البنك المركزي لا يوجد أي كلام حتى الآن حول كيفية استرجاعها للمصارف”.
لا يمكن في الاستناد إلى كل تلك الوقائع، إلا التأكيد على أن البلد مفتوح على كل الاحتمالات، سياسياً وأمنياً واقتصادياً… حتى لو نام على حرير “الترسيم البحري مع إسرائيل”.
* * *