أعلنت جمعية المصارف، أنه من واجبها مصارحة المودعين والاجابة على اسئلة تطرح، مثل، أين الودائع؟ من المسؤول؟ هل كان بوسع المصارف التصدي للسياسات المالية والنقدية؟ هل كان بالامكان استدراك الوضع؟ لماذا جفت السيولة؟ ما هي الاجراءات الملحة؟ اي مصير ينتظرنا؟.
وتساءل المودعين: “أين هي الودائع بالعملات الأجنبية؟”.
واجابت الجمعية: “صرح حاكم مصرف لبنان بتاريخ 21 حزيران 2022 بأن الدولة سحبت من المركزي بموجب قوانين، 62 ملياراً و 670 مليون دولار، وتختلف الآراء وتتنوع ولكنها كلها تصب في خانة صرف الأموال على الدعم وتثبيت سعر الصرف والفوائد المرتفعة والكهرباء وحاجات الدولة من الاستيراد وغيرها، ما تبقى في الوقت الحاضر يقتصر على ما يعلنه مصرف لبنان من احتياطي بالعملات الأجنبية بالإضافة إلى القروض المتبقية في السوق والتي يسددها المقترضون بالدولار المحلي وما بقي من سيولة لدى المصارف”.
ثم تساءل المودعين: “من المسؤول؟”.
واجابت الجمعية: “أولا: الدولة التي أقرت الموازنات وصرفت بموجب قوانين وهدرت ومن ثم أعلنت توقفها عن الدفع. إنها تتحمل الجزء الأول والأكبر من مسؤولية الفجوة المالية وهي ملزمة بالتعويض عنها تطبيقا لأحكام القانون لا سيما بفعل عمليات الهدر والاقتراض وعدم ضبط التهريب وأيضاً وفقاً لأحكام المادة 113 من قانون النقد والتسليف وتنفيذا لالتزاماتها التعاقدية في موضوع اليوروبنودز.
ثانياً: مصرف لبنان، علماً أنه وضع السياسات النقدية تطبيقاً لسياسات الحكومات المتعاقبة وبالتوافق معها.
ثالثاً: المصارف، إذا اعتبرنا جدلا انها مسؤولة عن ايداع فائض سيولتها لدى مصرف لبنان، تحملّت ولا تزال تتحمل تبعات تتعدى إطار أية مسؤولية مفترضة لها في هذه الأزمة النظامية المتمادية Extended Systemic Crisis. إن المصارف اللبنانية مستعدة للمساهمةً بتحمل المسؤولية الوطنية لإيجاد حل قانوني وعادل يجب أن ترعاه الدولة بأسرع وقت ممكن”.
وذكر المودعين، أنه “هل كان بوسع المصارف التصدي للسياسات المالية والنقدية”، واجابت الجمعية: “باختصار كلا. لقد راعت المصارف في توظيفاتها تعاميم الجهة التنظيمية والرقابية عليها من خلال:
1.الحدود الموضوعة لمراكز القطع بالعملة الأجنبية والتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية.
2.القيود على التوظيف في الخارج.
3.التوظيفات أو الإيداعات التي اشترط المصرف المركزي تجميدها لديه عند إجراء عمليات القطع لصالح المودعين، ويُضاف إلى ذلك، الايداعات لدى مصرف لبنان الناتجة عن عمليات المقاصة بالدولار التي تجري في المركزي وليس عبر المراسلين في الخارج. كما كافة التعاميم والإجراءات التي كانت تحتم على المصارف الإيداع في مصرف لبنان، والمصارف ليست صاحبة القرار وقد حاولت طرح الصوت سعياً لتغيير المسار، دون أن ننسى ما تعرّض له رئيس جمعية المصارف آنذاك عندما دق ناقوس الخطر فتعرض إلى الملاحقة لأنه صارح اللبنانيين وأصحاب القرار بخطورة الاستمرار بالنهج المعتمد. أما أن يتبرأ أصحاب القرار وأن يصوروا الأمر وكأن من لم ينجح في التصدي لهم هو المسؤول عن أفعالهم فهذا تحوير للحقائق”.
ومن بعدها اشار المودعين، إلى أنه “هل كان بالإمكان تدارك الوضع ورد جزء كبير من الودائع رغم الأزمة”، وقالت الجمعية: “نعم، لقد أصرّت المصارف على وجوب إصدار قانون الكابيتال كونترول منذ اليوم الأول للأزمة. وهنا تجدر الإشارة بأنه عند اندلاع الأزمة كان لدى مصرف لبنان احتياطي يناهز 33 مليار دولار وكانت التسليفات بالعملات الأجنبية تقارب 40 مليار دولار، كما كانت المصارف اللبنانية تتمتع بسيولة لا بأس بها، اليوم انخفض احتياطي مصرف لبنان إلى حوالي 10 مليارات دولار بحكم سياسات دعم الاستيراد ودعم الليرة وانخفضت القروض الى حوالي 12 مليار دولار بعد تسديدها بالدولار المحلي وجَفَّت السيولة لدى المصارف، لو قامت الدولة منذ اليوم الأول باتخاذ الإجراءات اللازمة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لولا تم إقرار قانون الكابيتال كونترول لما كانت الفجوة لتزيد خلال الأزمة بحوالي 35 مليار دولار بمسؤولية مباشرة من الدولة ومؤسساتها”.
وتساءل المودعين ايضاً: “لماذا شَحّت السيولة بالليرة؟”.
فذكرت الجمعية: “يعلم القاصي والداني أن المصارف لا تطبع الليرة وهي مستعدة لان تَمُدّ المودعين بكامل النقد الذي يزوِّدها به مصرف لبنان، بالتالي إن الطَرقَ على باب المصارف لا ينفع طالما الخزان والصنبور موجودان قي مكان آخر”.
وتابع المودعين: “هل الدولة هي من وضعت المصارف في مواجهة مع المودعين؟”.
واجابت جمعية المصارف: “تعددت التعليقات والإصطفافات لكن الحقيقة تبقى واحدة، القطاع العام بدد أموال القطاع الخاص. الدولة ومؤسساتها بددت أموال المودعين ورؤوس أموال مساهمي المصارف. إن أخطر ما قام به القطاع العام انه رمى بمشاكله على القطاع الخاص ومد يده إلى مدخراته، وتأتي اليوم الدولة لتنأى بنفسها وتُنَصِّبُ نفسها حَكَماً بين المودعين والمصارف، مما لا شك فيه إن توحيد الجهود لمطالبة القطاع العام بإعادة الودائع هو المطلوب، من أجل تحقيق هذا الهدف، تدعو جمعية المصارف إلى نقاش صريح بين المودعين والمصارف بهدف المطالبة باسترداد ما بددته الدولة من أموال القطاع الخاص”.
واضافت: “في ضوء العوامل المذكورة أعلاه والخارجة عن إرادة المصارف، انقلبت المبادئ والقيم، فأصبحت المصارف في اعتقاد الناس ظلماً مسؤولة عن انهيار الوضع، وتكررت الاعتداءات على الموظفين والزبائن المتواجدين في الفروع، فالمصارف لا تتحمل مسؤولية الهدر، بل تتحملها سلطات الدولة التي أنفقت من أموالكم وتأخرت في إقرار خطة التعافي والتشريعات الضرورية لتأمين العدالة لجميع المودعين، ولقد نجحت الدولة في وضع المصارف في مواجهة المودعين بينما هي المسؤولة الأولى عن الهدر والتأخير، ومعظم أموال كبار المساهمين في المصارف ليست ودائع نقدية، بل هي توظيفات في رساميل المصارف التي كانت عند بدء الأزمة تتجاوز قيمتها عشرين مليار دولارا أميركيا، فماذا تبقى منها الآن؟ علماً أنه بالرغم من كل ذلك قامت المصارف بزيادة رأسمالها خلال الأزمة، كما ونسبة أنصبة الأرباح من رؤوس أموال المصارف التي وُزِّعَتْ على مساهمي المصارف منذ سنة 2013 لغاية تاريخه هي أقل بكثير من مستوى الفوائد التي كانت تُدفع على الودائع في تلك الفترة”.
وختم المودعين: “أي مصير ينتظرنا إذا تلكأت الدولة عن القيام بالمعالجات اللازمة؟”.
واشارت الجمعية، إلى أنه “اذا ما إستمر الحال على ما هو عليه، صندوق النقد سيعلن عن استحالة متابعة المفاوضات مع الدولة اللبنانية، وسَيَنضُبُ الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان في المستقبل المنظور، وستعجز الدولة عن تأمين أية مشتريات من الخارج ويصبح لبنان غير قادر على تأمين أدنى مقومات العيش من كهرباء وماء ودواء واتصالات وغيرها، وسيضمحل ألأمل باسترداد الودائع، وسيتجاوز انهيار العملة النسب التي عرفها لبنان خلال الثمانينيات ويستبدل التجار ماكينات عد النقود بميزان للنقود والأمثلة موجودة ومعروفة عالمياً”.
ودعت جمعية المصارف، الدولة إلى “تحمل مسؤولياتها فوراً والإصغاء لكافة الجهات المعنية وخصوصاً جمعية المصارف والمودعين، من أجل إيجاد الحلول المناسبة والممكنة للتعامل مع الأزمة النظامية المتمادية في البلاد (Extended Systemic Crisis) ومع انعكاساتها الخطرة التي طاولت الجميع”.