ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد الثاني من تشرين الأول أكتوبر في كنيسة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان وقال في عظته “إننا نواصل صلاتنا من أجل انتخاب رئيس للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من هذا الشهر الأخير من المهلة الدستورية”.
ألقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة قال فيها “يسعدنا أن نحتفل معًا في هذه الليتورجيا الإلهية التي نختتم بها، بالشكر لله الفترة التي قضيناها في كرسينا البطريركي في الديمان على مشارف الوادي المقدس، ومقر سيدة قنوبين البطريركي حيث عاش عدد كبير من بطاركتنا مع أساقفة طيلة أربعمائة سنة، في عهد العثمانيين، من سنة 1440 إلى 1840 قبل الاستقرار في بكركي والديمان. فكنا نتأمل مع زائرينا كم ضحوا وناضلوا وصمدوا من أجل حماية ثلاثة: الإيمان والحرية والاستقلالية. وهي أسس بُني عليها لبنان، وتشكل مصدر قيمه الروحية والثقافية والأخلاقية والوطنية”.
“إننا نواصل صلاتنا من أجل انتخاب رئيس للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من هذا الشهر الأخير من المهلة الدستورية”، قال البطريرك الراعي في عظته وأضاف “أول ما نرجو أن يسبق التوافق على اسم المرشح المتصف بالمواصفات التي يجمعون عليها، رؤية موحَّدة وطنية واقتصادية للحكم ولعلاقات لبنان العربية والدولية، بحيث تتفق عليها جميع القوى السياسية. وما نخشاه، أن يستمر ربط جلسة الانتخاب بتوافق لا يحصل، فتنتهي الـمهلة الدستورية من دون توافق ومن دون انتخاب رئيس. وهذا مرفوض بالمطلق لأنه جريمة بحق الشعب اللبناني والدولة في حالتيهما الراهنتين. كيف لمجلس نيابي أن يعتبر الشغور الرئاسي هو الممكن، والانتخاب هو المستحيل؟ أين الضمير؟ وأين المسؤولية الفردية والوطنية؟ وأين المرشحون الجديون الذين يوحون بالثقة إن انتُخبوا، أكانوا مرشحي تحد أم مرشحي توافق؟ ليست الرئاسة تتويج مسيرة حياة خاصة، بل تتويجًا لمسيرة وطنية في خدمة القضية اللبنانية. وما نخشاه أيضًا أن تسليم نواب بحصول شغور رئاسي لا يعود إلى انتظار الاتفاق على اسم رئيس، بل إلى تَموضع من شأنه أن يحدث شغورًا دستوريا يؤدي إلى تغيير في مقومات البلاد، وماهية الوجود اللبناني الحر، في ظل الشغور الرئاسي والتخبط الحكومي. لذا، يجدر بالقوى اللبنانية المؤمنة برسالة لبنان أن تَمنع حصول ذلك، وتحافظ بجميع الوسائل الناجعة على لبنان التعددي، المدني، الديمقراطي، الموحَّد في كنف دستور لامركزي توافقنا عليه. وهذه أمانة في عنق كل مواطن وجماعة”.
وتابع غبطته قائلا “مع رغبة الشعب اللبناني الكاملة بتأليف حكومة جامعة وقادرة، فإن إلهاءه بالاجتهادات الدستورية وبكيفية انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وهي شؤون باتت وراءه. فالغليان الشعبي اليوم تخطى هذا المنطق وأدرك أن عدم انتخاب رئيس جديد هو فعل إرادي وتخريبي وتدميري لضرب المركز الأول والأساسي في الدولة، ومن خلاله كل بنيتها الدستورية والوطنية. وحين يقوم الشعب على مسؤولين أساؤوا الأمانة التاريخية، تسقط الاجتهادات وتفقد قيمتها. الشعب لا يهتم بدستورية انتقال صلاحيات الرئاسة الأولى، بل يسأل لماذا لم تنتخبوا رئيسًا؟ وإذا لم ينتفض النواب على أنفسهم ولم ينتخبوا رئيسًا وطنيا وسياديا ومؤهَّلًا لتسلُّم مقاليد الحكم، فلا يلومنّ الشعب إذا انتفض عليهم جميعا”.
وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد في كنيسة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، قال البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي” نصلّي إلى الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء، سلطانة الوردية المقدسة، أن يستجيب صلاة شعبنا وصراخ آلامه وفقره وحرمانه، ويدخلنا في فجر جديد بانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة الأوصاف والصلاحيات. له المجد والشكر إلى الأبد”.