ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد التاسع من تشرين الأول أكتوبر في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي وألقى عظة بعنوان “من تراه العبد الأمين الحكيم” (متى ٢٤: ٤٥) وقال “مغزى إنجيل اليوم هو أن لكل واحد وواحدة منا واجب تأدية الحساب عند نهاية حياته. فإذا تمّم واجبات وكالته كوفئ بالخلاص الأبدي. أما إذا تنكّر لها وأهملها كان نصيبه الهلاك الأبدي. وكلا الأمرين رهن الإرادة الشخصية. بإرادتنا نخلص، وبإرادتنا نهلك، فيما الله يمنحنا كل النعم والوسائل لخلاص نفوسنا”.
قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظته مترئسا قداس الأحد “المسؤولون في السلطات الدستورية هم موكّلون من الشعب بحسب مقدمة الدستور: “الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية” (فقرة د). هذا التوكيل من الشعب يوجب على النواب في هذه الايام خاصة انتخاب رئيس للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول الجاري. وعليه، الشعب اللبناني ينتظر الخروج من أزماته المتراكمة واستعادة دوره تجاه ذاته ومحيطه، لكنه لا ينظر بارتياح إلى شعار التغيير، إذ يخشى تمويهه بين حدين: تغيير أسماء من دون تغيير شوائب النظام، وتغيير النظام التاريخي والديمقراطي من دون إسقاط نظام الأمر الواقع. فلا بد من إيجاد الحلول الصحيحة لخير لبنان وشعبه”.
وأضاف غبطته يقول” وانتظر الشعب اللبناني وينتظر الى أن تصوّب المبادرات الأجنبية إلى جوهر الأزمات في لبنان. ولكن يبدو أنها غضت النظر ربّما عمدًا عن هذا الجوهر، فباءت تلك المبادرات بالفشل. وفيما يقدر شعب لبنان مبادرات الدول الصديقة، يهمه أن تصب هذه المبادرات في خلق مشروع حل لبناني متكامل يحسّن علاقات اللبنانيين ببعضهم البعض، لا أن تُحسّن علاقات هذه الدول الأجنبية ببعض المكونات اللبنانية على حساب أخرى، ولا أن تُحسّن علاقاتها بدول إقليمية على حساب لبنان. الحل المنشود يقوم على وحدة الولاء للبنان، وعلى السيادة والاستقلال؛ وعلى الحياد واللامركزية الموسعة، ونظام الاقتصاد الحر؛ وعلى الانفتاح على المحيط العربي والإقليمي والعالمي، وعلى تطوير الحياة الدستورية انطلاقًا من اتفاق الطائف بتنفيذه روحًا ونصًا”.
وأشار البطريرك الراعي إلى أنه “آن الأوان لكي ينكشف المرشح لرئاسة الجمهورية الفارض نفسه بشخصيته وخبرته وصلابته ووضوح رؤيته الإنقاذية وقدرته على تنفيذها. إذا انتُخب مثل هذا الرئيس نال للحال ثقة الشعب اللبناني والأسرة الدولية والعربية. الشعب ونحن لا نريد رئيس تسويات. البطريركية المارونية من جهتها لا توزع تأييدها للمرشحين، خلافًا لما يروِّج البعض، إنما تدعم الرئيس الناجح بعد انتخابه، وبعد تبنّيه الجدي والفعلي بنود الحل اللبناني برعاية دولية. نحن لم نشعر بأي إحراج مع جميع الذين أمّوا الصرح ويؤمّونه مستطلعين رأينا. كما لم نشعر بأي إحراج في إجراء مناقشة صريحة مع هؤلاء جميعًا. ما نصارحهم به هو سلوك الخط المستقيم حتى البلوغ إلى الإجماع على شخص الرئيس المميز بكل أبعاده. نعني الرئيس الذي يعبّر عن إرادة المجتمع اللبناني لا رئيسًا يستأنس بالولاء للخارج. لم يعد لبنان يتحمل أنصاف الحلول وأنصاف الصداقات وأنصاف الرؤساء وأنصاف الحكومات ولا أنصاف الولاءات”. وتابع غبطته”هلمّوا، أيها النواب، وانتخبوا رئيسًا نتمناه في جلسة 13 تشرين الأول المقبل، وليكن هذا التاريخ حدًا فاصلًا بين مرحلة تعطيل الدولة ومرحلة بنائها. ثم وشكلوا حكومة جامعة لا فئوية. حكومة الشعب لا حكومة حزب أو تحالف أو فئة تريد أن تهيمن على البلاد بالواسطة. فالشعب يرفض حكومة على قياس البعض كما يرفض رئيسًا غبّ الطلب”.
وختم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا “نرفع صلاتنا اليوم إلى الله كي يتقبّل انتظارات اللبنانيين، ويخرج لبنان من جحيم أزماته، والشعب من حالة بؤسه. فالله سميع مجيب! له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين”.