التخطي إلى المحتوى

هي ليست المرة الأولى التي تقع فيها مواجهات بين الفصائل المسلحة في مخيم عين الحلوة، عاصمة الشتات الفلسطيني.

فانعدام الاستقرار الأمني في المخيم وغياب أجهزة الدولة اللبنانية عنه، تجعل من الاشتباكات والاغتيالات السمة الأبرز للأوضاع هناك.

أسباب الاشتباكات في عين الحلوة

بدأت الأحداث الأخيرة يوم 29 يوليو/ تموز الماضي، حين انفجر الوضع الأمني في المخيم على خلفية قيام محمد زبيدات الملقب بالصومالي والمنتمي إلى حركة فتح، بمحاولة اغتيال الإسلامي محمود خليل الملقب بأبي قتادة، بهدف الانتقام لمقتل شقيقه محمود الذي قتل باشتباكات بين فتح وإحدى الفصائل الإسلامية مطلع شهر مارس/ آذار الماضي.

ونتيجة هذه المحاولة، قتل أحد مرافقي خليل وهو عبد فرهود، فيما جرح أبو قتادة نفسه وعيسى حمد، وكلاهما من المطلوبين للقضاء اللبناني بمذكرات توقيف بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي.

على الأثر، اندلعت اشتباكات بين عناصر من حركة فتح ومجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم “الشباب المسلم”، أسفرت عن مقتل 14 شخصًا، بينهم قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا أبو أشرف العرموشي، القيادي في فتح، مع 4 من مرافقيه، ما شكل منعطفًا في الاشتباكات.

وقد تحولت أحياء المخيم وشوارعه إلى ساحة حرب مفتوحة بين حركة فتح وعناصر الفصائل الإسلامية الذين كانوا ينتمون سابقًا إلى جماعة جند الشام، وأصبحوا الآن ناشطين تحت اسم الشباب المسلم.

وفي بداية أغسطس/ آب الماضي، عاد الهدوء إلى المخيم إثر سلسلة اتصالات بين بعض الفصائل الفلسطينية ومسؤولين وأحزاب لبنانية وتم الاتفاق على ضرورة تسليم المشتبه بهم في اغتيال العرموشي، إلا أن الاشتباكات عادت في 25 أغسطس/ آب وأسفرت في أيامها الأولى عن مقتل العديدين.

ورغم الوساطات اللبنانية والفلسطينية، يبقى باب الصراع الداخلي في المخيم مفتوحًا وسط تساؤلات كثيرة عن الأسباب الحقيقية لهذا النزاع المتجدد وعن أهدافه غير المعلنة، في ظل طرح علامات استفهام كبرى عن دور الأيادي الخارجية في ما يحصل.

“مجموعات إرهابية”

في هذا السياق، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات صقر أبو فخر أن “المجموعات التي بدأت الاشتباكات في عين الحلوة ليست فصائل فلسطينية بل هي مجموعات إرهابية”.

ويشدد أبو فخر، في حديث إلى “العربي” من بيروت، على أن “هذه المجموعات تنتمي إلى القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات”.

ويلفت أبو فخر إلى أن “القتال ليس بين الفصائل الفلسطينية المسلحة بل بين فتح ومجموعات إرهابية معروفة بالأسماء”.

ويقول: “البعض لم يخرج من حي من المخيم منذ سنوات، وبالتالي من الواضح كيف هي طريقة تفكيره”.

“أيادٍ خارجية”

من جهتها، تشير الأكاديمية والكاتبة السياسية منى فياض إلى أن “صيدا مدينة طابعها سني، وهذا المخيم بوابة الجنوب وأي اضطراب فيه يؤثر على المنطقة بكاملها”.

وتلفت فياض، في حديث إلى “العربي” من بيروت، إلى أن “من المؤسف استخدام هذا المخيم في هذه الصراعات، وأن يكون الفلسطينيون غير قادرين إلا على قتال أنفسهم”.

وتقول: “الشاب الفلسطيني في الأراضي المحتلة يقاوم القوات الإسرائيلية، بينما يقوم بعض الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة بترويع السكان”.

وتضيف: “المعارك تشير إلى وجود أسباب عديدة للمواجهات، وكأن هناك بعض الأيادي الخارجية التي تريد استغلال المخيم”.

معارك بالإنابة؟

بدوره، يرى الكاتب السياسي داوود رمال أن “القضية في عين الحلوة أكبر من اغتيال العرموشي”.

ويشير رمال، في حديث إلى “العربي” من بيروت، إلى أن “الأزمة في عين الحلوة سببها تواجد مجموعات إرهابية معروفة تريد السيطرة على المخيم”.

ويقول: “هذه الجماعات تخوض معركة بالنيابة عن فصائل فلسطينية تحمل شعار المقاومة، وتحديدًا حركة حماس”.

ويضيف: “حركة حماس تريد من المعارك أن تتشارك في السلطة داخل المخيمات، لكن إذا أرادت ذلك فعليها أن تذهب للمفاوضات لا أن تروّع المدنيين”.