طواقم غزة الطبية أمام هول العثور على أقارب بين الضحايا
في قسم الطوارئ في مستشفى ناصر في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي عنيف، كان الطبيب محمود الأسطل يسعف جرحى إحدى الضربات عندما أبلغه زميل له أن شقيقته وكل عائلتها قضت فيها.
ويروي الطبيب المتخصص بطب الطوارئ البالغ 34 عاماً لوكالة الصحافة الفرنسية في المستشفى الرئيسي في خان يونس في جنوب قطاع غزة «ذهبت إلى المشرحة ووجدتها متفحمة وأشلاء».
ويوضح «في اليوم الثالث للحرب وأنا أشتغل بالطوارئ بمستشفى ناصر اكتشفت أن أختي شهيدة هي وزوجها وأطفالها».
وكانت إسرائيل بدأت تقصف قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بعد هجوم غير مسبوق لحركة «حماس» داخل الأراضي الإسرائيلية.
وألحقت الضربة أضراراً بمنازل عدة وأتت كلياً على منزل شقيقته صدفة الأسطل (40 عاماً) التي قضت مع زوجها حسين وابنتيهما فدوى (13 عاماً) وآذار (6 سنوات) وولديهما أحمد (12 عاماً) وسليمان (ثماني سنوات). ويؤكد «منذ استشهاد أختي أرى كوابيس… لا تفارقني الكوابيس، أتخيل أن ابني محمد وسليمان أو ابنتي منيرة سيأتيان أشلاء إلى المستشفى».
ويمضي قائلا: «كان حلم أولادي السفر… الآن لا أعرف هل سيخرجون من الحرب أحياء». رغم المأساة التي عاشها، يؤكد الطبيب «هذا يؤثر علينا، لكن لا خيار إلا العمل وخدمة المصابين لإنقاذهم».
رائحة الموت
ولاء أبو مصطفى (33 عاماً) تعمل أيضاً طبيبة طوارئ في المستشفى نفسه، اكتشفت بفزع أن خالتها سميرة أبو مصطفى (38 عاماً) وزوجها توفيق (40 عاماً) وابنهما شريف (15 عاماً) من بين «العشرات» من ضحايا ضربة إسرائيلية وصلوا، فجر الجمعة، إلى المستشفى.
وأوضحت أن خالتها وابنها كانا قد توفيا عندما وصلا إلى المستشفى بينما توفي الزوج بعد فترة وجيزة. وتقول «ابن خالتي كان أشلاء ملفوفة بشرشف». وتضيف الطبيبة بصعوبة «لا أستطيع الكلام، أنا مصدومة مما حدث، خالتي مثل أمي، أمي تحبها جداً»، لكنها تؤكد «سوف أواصل عملي لأنه واجبي ولا يوجد أطباء».
كان زميلها طبيب الأمراض الصدرية رائد الأسطل في المستشفى، يوم الاثنين، عندما تلقى مكالمة من زوجته تخبره أن غارة استهدفت مبنى قبالة شقتهما في حي المحطة في خان يونس.
ويقول «استشهدت عمتي وزوجها وبناتها وزوجة ابن عمي وابنها»، موضحاً أنه هرع إلى قسم الطوارئ، حيث تم نقل الجثث. ويضيف الطبيب «الموت رائحته في كل زقاق وحارة وبيت… الهجوم والإجرام شرسان».
وتسببت الغارات الإسرائيلية في مقتل أكثر من 7300 فلسطيني، غالبيتهم العظمى من المدنيين، ومن بينهم أكثر من 3000 طفل، وفق وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس».
وبدأ القصف الانتقامي المتواصل بعدما شنت الحركة الفلسطينية هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص، غالبيتهم من المدنيين، بحسب مسؤولين إسرائيليين.